__________________
وجوده ، فقد يتوهم حينئذ تحقق موضوع قاعدة البراءة ، مع أننا نعلم بأنّ هذا المورد ليس مورد جريان البراءة بل مورد اصالة الاشتغال ، فكيف تحل هذه المشكلة؟
وقد أجاب السيد الشهيد (قده) بالجوابين الآتيين وهما «دعوى انصراف أدلّة البراءة إلى حالة الشك الناشئ من غير ناحية الامتثال والتمسّك باستصحاب عدم الامتثال».
بعد هذا يحسن ان نذكر امورا تفيد فيما نحن فيه فنقول :
* اما بالنسبة إلى الامتثال
ـ فقد يفنى الملاك به ، كأن نؤمر بقتل مرتد فطري فقتلناه ، أو بشراء خبز للمولى فاشترينا له ، ففي هذه الحالة يفنى الملاك وبالتالي يسقط التكليف جعلا وفعلية كما هو واضح.
ـ وقد نعلم ببقاء الملاك ، كما في العبادات ، فمن صلّى الظهر لم يفن محبوبية هذه العبادة ومقرّبيتها الى الله تعالى ، ولذلك ترى في الروايات الصحيحة استحباب إعادتها جماعة «فان له صلاة اخرى» وأنّ إعادة الصلاة جماعة «أفضل» وله ان «يجعلها الفريضة ان شاء» ...
وإلى هذه الحالة نظر السيد الشهيد رحمهالله من قوله ببقاء فعلية التكليف وعدم سقوطها بالامتثال ، ولازم قوله هذا أنّ الاكتفاء بالمرّة منّ من الله سبحانه وتعالى ، لأنّ بقاء فعلية التكليف يقتضي التكرار قدر الاستطاعة ، ويؤيّد هذا اللازم بعض روايات وردت في باب الحج عن الامام الرضا عليهالسلام انه قال : «انما امروا بحجة واحدة لا اكثر من ذلك ، لأنّ الله وضع الفرائض على ادنى القوّة ، كما قال» فما استيسر من الهدي «يعني شاة ليسع القويّ والضعيف ، وكذلك سائر الفرائض انما وضعت على ادنى القوم قوّة ، فكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا ، ثمّ رغّب بعد أهل القوّة بقدر طاقتهم» (باب ٣ من أبواب وجوب الحج ـ ح ٢).