شكّا في فعليّة التكليف فلا موضوع لدليل البراءة بوجه ، وأمّا إذا قيل بأنّ الامتثال من مسقطات التكليف فالشكّ فيه شكّ في التكليف (١) لا محالة ، ومن هنا قد يتوهّم تحقق موضوع البراءة واطلاق ادلّتها لمثل ذلك ، ولا بدّ للتخلّص من ذلك إما من دعوى انصراف ادلّة البراءة إلى الشك الناشئ من غير ناحية الامتثال او التمسك باصل موضوعي (٢) حاكم وهو استصحاب عدم الامتثال (*).
__________________
ولا فائدة من بحث بقية الفروض كفرض الشك ببقاء الملاك ....
* وأمّا بالنسبة إلى العصيان فقد مرّ الكلام فيه في الجزء الأوّل تحت عنوان «استحالة التكليف بغير المقدور» فلا نعيد.
(١) أي فالشك في هذا المورد ـ بعد الامتثال ـ شك في أصل وجود تكليف فعلي ...
(٢) قال «موضوعي» لان الشك في تحقق موضوع التكليف كالصلاة مثلا في قولنا «الصلاة واجبة» فيكون مورد الاستصحاب هنا هو الموضوع ـ وليس الحكم كما لو شككنا بأصل وجوب الصلاة فنستصحب عدم وجوبها فانّ الاستصحاب سيكون ح أصلا حكميا ـ فان الشك في تحقق الامتثال يسمّونه شبهة موضوعية ، والاصل الجاري فيها يسمّونه أصلا موضوعيا. وقال «حاكم» لان الاستصحاب يتقدّم على البراءة لأنه
__________________
(*) أي ان المكلّف إذا أتى بامتثال مشكوك كصلاة الظهر بدون السورة فانه على مبنى هؤلاء من سقوط التكليف الفعلي بالامتثال يكون المورد موردا لجريان أصالة الاشتغال بلا إشكال ، لانّ شكنا إنّما يكون هكذا : هل سقط التكليف الفعلي بصلاة الظهر ام لا يزال باقيا؟
فالشك في فراغ الذمّة بعد اشتغالها بتكليف فعلي ، فحينئذ ترى ان العقل يحكم بلزوم العلم بفراغ الذمّة ، وحكم العقل هذا يرجع إلى استصحاب العدم الازلي.