ثمّ بعد الفراغ عن الفرق بين الشك في التكليف والشك في الامتثال ـ اي المكلف به ـ باتخاذ الأوّل ضابطا للبراءة والثاني ضابطا لاصالة الاشتغال ... يقع الكلام في ميزان التمييز الذي به يعرف كون الشك في التكليف لكي تجري البراءة (١) ، وهذا الميزان إنما يراد في الشبهات الموضوعية التي قد يحتاج التمييز فيها إلى دقّة دون الشبهات الحكمية التي يكون الشك فيها عادة شكا في التكليف كما هو واضح.
وتوضيح الحال في المقام : انّ الشبهة الموضوعية تستبطن دائما الشكّ في أحد اطراف الحكم الشرعي ، إذ لو كانت كلّها معلومة فلا يتصوّر شك إلّا من أصل حكم الشارع ، وتكون الشبهة حينئذ حكمية ، وهذه الأطراف هي عبارة عن قيد التكليف ومتعلّقه ومتعلّق المتعلّق له المسمّى بالموضوع الخارجي ، فحرمة شرب الخمر المشروطة بالبلوغ قيدها «البلوغ» ومتعلّقها «الشرب» ومتعلق متعلّقها «الخمر» ، وخطاب «اكرم عالما إذا جاء العيد» قيد الوجوب فيه «مجيء العيد» ومتعلّقه «الاكرام» ومتعلّق متعلّقه «العالم».
فان كان الشك في صدور المتعلّق مع احراز القيود والموضوع الخارجي فهذا شك في الامتثال بلا إشكال وتجري اصالة الاشتغال ، لان التكليف معلوم ولا شك فيه ، لبداهة انّ فعلية التكليف غير منوطة (٢)
__________________
لأنه يجعل الجاهل عالما ـ تعبدا ـ بعدم الامتثال فلا تجري حينئذ البراءة.
(١) تراه في تقريرات السيد الهاشمي ج ٥ ص ١٤١ فما بعد مفصّلا
(٢) وإنّما فعلية التكليف منوطة بوجود مقدّمات وجوبه في الخارج كالبلوغ