واقع في مرحلة متأخّرة عن الحكم الشرعي ، وقد تقدّم (١) المسلك القائل بأنّ الحسن والقبح الواقعين في هذه المرحلة (٢) لا يستتبعان حكما شرعيا.
وكلا الوجهين غير صحيح ،
أمّا الأوّل : فلأنّ الاستحباب المولوي للاحتياط إمّا ان يكون نفسيّا (٣)
__________________
بحسن الاحتياط فيه لادراك الاغراض الواقعية من هذا الحكم الشرعي .. وحسن الاحتياط هذا طريقي محض لا ملاك نفسيا له ، فلو فرضنا ترتّب استحباب شرعي مولوي بالاحتياط على حسن الاحتياط عقلا لحكم العقل بحسن اطاعة هذا الاحتياط الشرعي المولوى ، ثم يحكم الشرع باستحباب هذا الاحتياط فيحكم العقل بحسن اطاعة هذا الاحتياط الشرعي ... وهكذا فيتسلسل.
(١) في الحلقة الثانية بحث «الملازمة بين الحسن والقبح والامر والنهي».
(٢) اي الواقعين بعد تشريع الاحكام الشرعية ، فانهما لا يستتبعان احتياطا شرعيا ، وإلّا فان العقل ح يحكم بحسن اطاعة هذا الاحتياط الشرعي ، وهكذا فيتسلسل.
(٣) كأن يريد الشارع المقدّس أن يربينا على احترام الشريعة والترفّع عن الشبهات وإن كانت مجرى للبراءة وذلك لتقوية ملكة التقوى والورع في الانسان ، وليس للحفاظ على ملاك الحكم الواقعي المجهول. وقد يصحّ التمثيل لهذا الأمر (بما ورد) في نهج البلاغة في كتابه عليهالسلام إلى عثمان بن حنيف الانصاري وهو عامله على البصرة من قوله عليهالسلام «أما بعد يا بن حنيف فقد بلغني ان رجلا من فتية اهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الالوان وتنقل إليك الجفان ، وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيّهم مدعو ، فانظر إلى ما تقضمه