إجمالية ، فهي من قبيل رؤيتك لشبح زيد من بعيد دون ان تتبيّن هويته (١) ، فانّ الرؤية هنا ليست رؤية للجامع بل للفرد ، ولكنها رؤية غامضة.
ويمكن ان يبرهن على ذلك بان العلم في موارد العلم الاجمالي لا يمكن أن يقف على الجامع بحدّه ، لأنّ العالم يقطع بأنّ الجامع لا يوجد بحدّه (٢) في الخارج ، وإنّما يوجد ضمن حدّ شخصي ، فلا بدّ من إضافة شيء إلى دائرة المعلوم ، فان كان هذا الشيء جامعا وكليا عاد نفس الكلام حتّى ننتهي الى العلم بحدّ شخصي ، ولما كان التردّد في الصورة مستحيلا ـ كما تقدّم ـ تعيّن أن يكون العلم متقوما بصورة شخصية معيّنة مطابقة للفرد الواقعي بحدّه ، ولكن حكايتها عنه اجمالية (٣).
__________________
(١) في هذا المثال نظر ، والأولى التمثيل بقولنا : من قبيل معرفتك بكون احد الآتيين زيدا ، لكن لبعدهما عنك لم تميّزه.
(٢) اي ان الجامع الانتزاعي (وهو أحدهما) لا يوجد بحدّه أي بما هو جامع في الخارج ، لانّه مبهم وموطنه في الذهن ، وهو من المعقولات الثانوية لانه لا ينطبق في الخارج على مصداق معيّن ، وإنّما يصلح للانطباق على كل واحد منهما ، كانطباق جامع «الإنسان» على زيد وعمرو وغيرهما.
(٣) أي حكاية هذه الصورة الشخصية المعيّنة عن الفرد الواقعي الخارجي اجمالية ، أي ان الاجمال في الخارج ، أمّا في الذهن فنحن نعلم بوجوب صلاة معيّنة في الواقع (*).
__________________
(*) أقول : لم يظهر لنا وجها لتبني أن المعلوم في العلم الاجمالي هو الجامع أي «إحدى الصلاتين» ، لانه ان كان مرادهم من «احدى الصلاتين» احداهما أيّا كان فهذا باطل بالبداهة ، ولذلك لا يكتفى ـ بالاجماع ـ بإحدى الصلاتين ، وإن كان مرادهم من «احداهما» الفرد الواقعي الضائع بين الفردين فهي مقالة المحقق العراقي وغيره.