ومنها : ان يكون الأصل المؤمّن في احد الطرفين مبتلى في نفس مورده باصل معارض منجّز دون الأصل في الطرف الآخر ، ومثاله أن يعلم إجمالا بنجاسة أحد إناءين وكلّ منهما مجرى لاستصحاب الطهارة في نفسه ، غير أنّ احدهما مجرى لاستصحاب النجاسة أيضا لتوارد الحالتين عليه مع عدم العلم بالمتقدّم والمتأخّر منهما ، فقد يقال حينئذ بجريان استصحاب الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض ، لان استصحاب الطهارة الآخر ساقط بالمعارضة في نفس مورده باستصحاب النجاسة ، وقد يقال في مقابل ذلك بأنّ التعارض يكون ثلاثيا ، فاستصحاب الطهارة المبتلى [باستصحاب النجاسة] يعارض استصحابين في وقت واحد ، وتحقيق الحال متروك إلى مستوى أعمق من هذا البحث (*).
وإذا صحّ جريان الأصل بلا معارض في هذه الحالات كان ذلك تعبيرا عمليا عن الثمرة بين القول بالعلّية والقول بالاقتضاء (١).
__________________
(١) الذي هو قول السيد الشهيد.
__________________
مانع عقلائي ، (والجدير بالذكر) أنّ المانع العقلائي هو الذي يؤدّي الى التناقض في نظر العقلاء ، وإن لم يكن يؤدّي اليه بنظر العقل ، فما لم يؤدّ إلى التناقض في نظر العقلاء كما في هاتين الحالتين فلا مانع عقلائي من جريانها ، وهذا هو مقياسنا في جريان الامارات والاصول المؤمّنة.
(*) يمكن القول في هذه الحالة انه يشترط في قاعدة الاستصحاب وجود يقين بحالة سابقة عند المكلّف لكي يستصحبه ، ومع توارد الحالتين لا يوجد هكذا يقين ، لعدم العلم بالحالة السابقة ، ولذلك لا يجري الاستصحابان المتضادّان المتواردان على مورد واحد من باب السالبة لانتفاء الموضوع ، وح يجري الاستصحاب المنفرد في الطرف الآخر بلا معارض ولا مانع عقلائي.