وقد تلخص ممّا تقدم انّ العلم الإجمالي يستدعي حرمة المخالفة القطعية ، وأنّه كلما تعارضت الاصول الشرعية المؤمّنة في أطرافه وتساقطت حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية ، لتنجّز الاحتمال في كل شبهة بعد بقائها بلا مؤمّن شرعي وفقا لمسلك حقّ الطّاعة (١) ، وحيث إنّ تعارض الاصول يستند إلى العلم الاجمالي فيعتبر تنجّز جميع الأطراف من آثار نفس العلم الاجمالي.
ولا فرق في منجّزية العلم الاجمالي بين أن يكون المعلوم تكليفا من نوع واحد او تكليفا من نوعين كما إذا علم بوجوب شيء او حرمة الآخر (٢).
كما لا فرق أيضا بين أن يكون المعلوم نفس التكليف (٣) أو موضوع
__________________
(١) إنّما قال «وفقا لمسلك حقّ الطاعة» لعدم تناسب هذا الكلام على مسلك قبح العقاب ، وذلك لانه ينبغي ان يقال على مسلك قبح العقاب ، وأنّه كلما تعارضت الاصول الشرعية المؤمّنة في اطرافه وتساقطت لا يحكم العقل بوجوب الموافقة القطعية لعدم تنجّز الاحتمال في كل شبهة لحكم العقل بالبراءة مع عدم البيان ، وقد اشار السيد الشهيد لما ذكرناه الآن (ص ١٦٢) وقال «وهكذا يتّضح أنّه على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا يمكن تبرير وجوب الموافقة القطعية للعلم الاجمالي وهذا بنفسه من المنبّهات على بطلان القاعدة المذكورة».
(٢) ففي هذه الحالة يحكم العقل بوجوب امتثال الأوّل وترك الآخر.
(٣) كالعلم بحرمة شرب احد اناءين.