إنّ العلم المتأخّر يسقط عن المنجّزية لاختلال الرّكن الثالث إمّا بصيغته الاولى ، وذلك بتقريب ان الطرف المشترك قد سقط عنه الاصل المؤمّن سابقا بتعارض الاصول الناشئ من العلم الاجمالي السابق ، فالاصل في الطرف المختص بالعلم الاجمالي المتأخّر يجري بلا معارض ، وامّا بصيغته الثانية ، وذلك بتقريب ان الطرف المشترك قد تنجّز بالعلم السابق فلا يكون العلم المتأخّر صالحا لمنجّزيته فهو إذن لا يصلح لمنجّزية معلومه على كل تقدير.
ولكن الصحيح عدم السقوط عن المنجّزية وبطلان التقريبين السابقين ، وذلك (١) لأنّ العلم الاجمالي الاوّل لا يوجب التنجيز في كل زمان وتعارض الاصول في الاطراف كذلك إلّا بوجوده الفعلي في ذلك الزّمان لا بمجرّد حدوثه ولو في زمان سابق ، وعليه فتنجّز الطرف المشترك بالعلم الاجمالي السابق في زمان حدوث العلم المتأخّر إنّما يكون بسبب بقاء ذلك العلم السابق الى ذلك الحين لا بمجرد حدوثه ، وهذا يعني ان تنجّز الطرف المشترك فعلا له سببان :
أحدهما : بقاء العلم السابق.
__________________
(١) الاولى بيان الردّ بالأسلوب الذي ذكره في البحوث ج ٥ ص ٢٥٦ بأن يقول : «وفيه ان العلم الاجمالي لا يوجب التنجيز او تعارض الاصول في الاطراف في أيّ زمان إلّا بوجوده الفعلي في ذلك الزمان».
(ثمّ) إننا قد ذكرنا سابقا ص ١٨٦ عدم جريان الاصول المؤمّنة في اطراف العلم الاجمالي وذلك قبل ان نصل الى مرحلة تساقطهما ، او على الاقلّ نستبعد ذلك كثيرا ، فراجع.