تقديم المولى لاغراضه الترخيصيّة على اغراضه اللزومية الواصلة بالعلم الاجمالي على خلاف المرتكز العقلائي ـ كما تقدّم توضيحه سابقا ـ ومن الواضح ان شمول دليل الأصل لكل الاطراف يعني ذلك ، ومجرّد اقترانه صدفة بعجز المكلّف عن المخالفة القطعية لا يغير من مفاد الدليل ، فالارتكاز العقلائي إذن حاكم بعدم الشمول كذلك (١).
البيان الثاني : ان عدم القدرة على المخالفة القطعيّة إذا نشأ من كثرة الاطراف أدّى إلى امكان جريان الاصول فيها جميعا ، إذ في غرض لزوميّ واصل كذلك ـ بوصول مردّد بين اطراف بالغة هذه الدرجة من الكثرة ـ لا يرى العقلاء محذورا في تقديم الاغراض الترخيصية عليه ، لأنّ التحفظ على مثل ذلك الغرض يستدعي رفع اليد عن اغراض ترخيصية كثيرة ، ومعه لا يبقى مانع عن شمول دليل الاصل لكل الاطراف.
وهذا هو البيان الصحيح للركن الرابع وهو يثبت عدم وجوب
__________________
مؤمّنا عنه انتهى كلامه (رضي الله عنه).
(١) أي فالارتكاز العقلائي ـ بعدم تقديم المولى لاغراضه الترخيصية على اغراضه اللزومية الواصلة بالعلم الاجمالي ـ قرينة لبّيّة على عدم جريان الاصول المؤمّنة في كل الاطراف لمجرّد عجز المكلّف عن المخالفة القطعية او قل هذا الارتكاز بعدم شمول الاصول المؤمّنة لكل حالات العجز عن المخالفة القطعية ، وبتعبير ثالث : هذا الارتكاز يصرف أدلّة الاصول المؤمّنة عن الشمول لكلا طرفي العلم الإجمالي في المثال السابق (مثال الذي يعلم بحرمة المكث في آن معيّن في أحد مكانين) ، ولذلك ترى العقلاء لا يمكثون في أحد المكانين بحجّة أنهم لا يستطيعون على المخالفة القطعية.