المضطر بدون مفسدة ولا مبغوضيّة (*) ، وأمّا اكل لحم الخنزير البعيد عن المكلّف فهو واجد للمفسدة والمبغوضيّة لا محالة ، وعدم النهي عنه ليس لأنّ وقوعه لا يساوق الفساد بل لأنّه لا يمكن ان يقع.
ونستخلص من ذلك ان مبادئ النهي يمكن ان تكون منوطة بعدم الاضطرار إلى الفعل (١) ، ولكن لا يمكن ان تكون منوطة بعدم العجز عن الفعل ، وعليه ففي حالة الاضطرار إلى الفعل في احد طرفي العلم
__________________
(١) فان كان هناك اضطرار إلى الفعل ـ كما في حالة الخوف على النفس من الهلكة ـ فلا مفسدة ، وإلّا فالمفسدة موجودة ، ويمكن لك أن تختصر قوله بقولك : «ونستخلص من ذلك ان مبادئ النهي ـ وجودا وعدما ـ يمكن ان تكون منوطة بالاضطرار إلى الفعل عدما ووجودا ...»
__________________
(*) (أقول) المفسدة والمصلحة في هذا النوع من الأمثلة امران تكوينيان يحملهما الفعل في طيّاته ، وإن جاز ارتكابه او وجب ، وإنّما يجب. مع وجود مفسدة فيه. لوجود مصلحة غالبة على المفسدة بدرجة تلزم بالفعل.
(على أي حال) الاضطرار الى أكله انما يرفع منجّزية حرمة أكله ولا يرفع المفسدة والضرر التكويني.
(نعم) هناك أمثلة أخرى من قبيل الكذب ممّا لا يكون في نفسه ظلما وفيه مفسدة ، فهذا ان وقع من المضطر لا يكون مبغوضا ، ولذلك يحسن في بعض الحالات ، ولو كان الكذب من فروع الظلم لما حسن في أيّ حالة لأن الاحكام العقلية من قبيل" الظلم قبيح" لا تقبل التخصيص ، فقبول حكم الكذب للتخصيص كاشف عن ان قبحه ليس عقليا وانما هو عقلائي لكون الكذب غالبا ذا مفسدة فيتصوّره العقلاء من فروع الظلم وانه مبغوض في نفسه. وهذا هو مراد سيدنا الشهيد في المتن ، ولذلك كان الاولى تغيير المثال.