ثانيا : إنّ الحكمين الظاهريين المختلفين (١) متنافيان بوجوديهما الواقعيين سواء وصلا أو لا ، كما تقدّم في محله.
ثالثا : إنّ البراءة عن التكليف الواقعي منافية ثبوتا للحجية المشكوكة على ضوء ما تقدّم (٢).
رابعا : إنّ مقتضى المنافاة أنّها تستلزم عدم الحجية واقعا (٣) ونفيها.
خامسا : إنّ الدليل الدّال على البراءة عن التكليف الواقعي يدلّ بالالتزام (٤) على نفي الحجية المشكوكة.
وهذا يعني انّنا باجراء البراءة عن التكليف الواقعي سنثبت بالدليل
__________________
(١) كقاعدتي البراءة والاحتياط ، كما تقدم في الجزء الأوّل ص ٧٧.
(٢) لان الاولى تكشف عن عدم الاهتمام بالملاكات الواقعية والثانية تكشف عن الاهتمام بها.
(٣) أي انّ جريان البراءة عن التكليف الواقعي (ككاشفة لنا عن عدم اهتمام المولى بالملاكات الواقعية) كاشف لنا عن عدم حجية الامارة (المشكوك بها وجودا أو حكما) واقعا ، وإلّا يتناقضان ، لأنّهما في عرض واحد (كما قال في المقدّمة الأولى).
(٤) وهذه عين سابقتها من وجه ، إلّا أنّ الاولى ناظرة إلى عالم الثبوت والثانية إلى عالم الاثبات.
ويمكن اختصار ما ذكره السيد الشهيد (قده) بأن نقول : إنّ جريان البراءة الشرعية عن التكليف الواقعي كاشف عن عدم اهتمام المولى بالملاكات الواقعية (وإلّا لما شرّع البراءة بل كان يشرّع الاحتياط) ، الكاشف لنا بالتالي عن ترخيص الشارع باحتمال حجيّة الامارات المشكوكة (إذا شككنا بوجودها أو بحجيتها) ، لأنّ تشريع هذه الامارات إنّما هو من أجل الحفاظ على الملاكات الواقعية ليس إلّا.