ولكن قد يقال ـ كما في إفادات الشيخ الانصاري (١) وغيره ـ بأنّ هذا إنّما يصحّ فيما إذا كان بالامكان ان يكلّف الناسي بالاقلّ ، فإنّه يدور عنده امر الواجب حينئذ بين الأقل والأكثر ، ولكن هذا غير ممكن لأنّ التكليف بالأقلّ إن خصّص بالنّاسي فهو محال لأنّ الناسي لا يرى نفسه ناسيا ، فلا يمكن لخطاب موجّه إلى الناسي ان يصل إليه ، وإن جعل على المكلّف عموما شمل المتذكّر أيضا مع أنّ المتذكّر لا يكفي منه الاقلّ بلا إشكال ، وعليه فلا يمكن ان يكون الأقلّ واجبا في حقّ الناسي ، وإنّما المحتمل إجزاؤه عن الواجب ، فالواجب إذن في الأصل هو الأكثر ويشك في سقوطه بالأقلّ ، وفي مثل ذلك لا تجري البراءة.
والجواب : إنّ التكليف بالجامع (٢) يمكن جعله وتوجيهه إلى طبيعي المكلّف ، ولا يلزم منه جواز اقتصار المتذكّر على الأقلّ ، لأنّه جامع بين الصلاة الناقصة المقرونة بالنسيان والصلاة التامّة ، كما لا يلزم منه عدم إمكان الوصول إلى النّاسي ، لأنّ موضوع التكليف هو طبيعي المكلّف ، غاية ما في الأمر أنّ النّاسي يرى نفسه آتيا بأفضل الحصّتين من الجامع مع أنّ ما يقع منه هو (٣) أقلّهما قيمة ، ولا محذور في ذلك.
__________________
(١) راجع فرائد الاصول ص ٤٨٣ ـ ٤٨٤.
(٢) اي بإحدى الصلاتين.
(٣) في النسخة الأصليّة «.. مع أنّه إنّما تقع منه اقلّهما ...» وما اثبتناه أولى.
وعلى اي حال فبيان جواب السيد الشهيد (قده) هو انّ متعلّق التكليف ـ في اللوح المحفوظ ـ هو الجامع بين الصلاة الناقصة لخصوص الناسي والصلاة التامّة للمتذكّر