والظاهر هو الحمل على المورديّة لا السببيّة ، لأنّ هذا هو المناسب بلحاظ الفعل والمال أيضا (١) ،
فالاستدلال بالآية جيد (*).
وبالنسبة الى مدى الشمول فيها ، لا شك في شمولها للشبهات الوجوبية والتحريمية معا ، بل للشبهات الحكمية والموضوعية معا ، لان الايتاء ليس بمعنى إيتاء الشارع بما هو شارع ليختصّ بالشبهات الحكمية ، بل بمعنى الإيتاء التكويني. لانه المناسب للمال والفعل.
كما ان الظاهر عدم الاطلاق في الآية لحالة عدم الفحص ، لأن ايتاء التكليف تكفي فيه عرفا مرتبة من الوصول ، وهي الوصول الى مظانّ
__________________
(١) أي ان الظاهر من الآية الكريمة (... ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلّف الله نفسا إلا ما آتاها) ان الله لا يكلّف نفسا الّا بمقدار ما اقدرها عليه ، واذا اقدرها واعلمها ببعض التكاليف فقد كلّفها بها ، والموارد التي لم يعلمها بها لم يكلّفها بها ، إذن هذه الآية تفيدنا البراءة ، فلو وردنا من الشارع قاعدة الاحتياط لحصل تعارض.
__________________
(*) الحق ان الموردية لا تنافي السببية ، بل الجمع بينهما هو الصحيح ، فان المولى تعالى اذا اراد معنى الموردية فان المعنى سيصير هكذا : ان الله لا يكلف نفسا بتكليف ما إلا اذا آتاها إياه ، فكل مورد آتاها إياه ، فهي مكلّفة به ، وكل مورد لم يؤتها اياه لم يكلفها به ، وهذا المعنى لا ينافي السببية ، وذلك لان المولى تعالى انما كلّفنا بهذا المقدار من الموارد بسبب اعلامنا به ، ولم يكلّفنا بالمقدار المجهول عندنا بسبب عدم اعلامنا به ، فليست النكتة في معارضة الاحتياط لهذه الآية أو تقديم البراءة هي السببية والموردية إذن.
(ثم) انه لو كان المولى تعالى يريد افادة معنى يناسب شمول الايتاء للاحتياط لعبّر في الآية باسلوب التكليف لا باسلوب نفي التكليف ، إذ ان هذا الاسلوب يفيد معنى ـ والله