لذلك بل لذات الحكم الشرعي الذي هو موضوع للادانة ، فهو اذن مفعول به ، فلا إشكال.
ثمّ إنّ البراءة التي تستفاد من هذه الآية الكريمة إن كانت بمعنى نفي الكلفة بسبب التكليف (١) غير المأتي فلا ينافيها ثبوت الكلفة بسبب وجوب الاحتياط إذا تمّ الدليل عليه ، فلا تنفع في معارضة ادلّة وجوب الاحتياط ، وإن كانت البراءة بمعنى نفي الكلفة في مورد التكليف غير المأتي (٢) فهي تنفي وجوب الاحتياط وتتعارض مع ما يدعى من أدلّته.
__________________
المفعول به ، ف «ما» اذن في محل مفعول به أيضا. وعليه فيصير المعنى : لا يكلّف الله تكليفا ما ـ سواء كان التكليف بانفاق مال أو بالقيام بفعل ما أو غير ذلك من أنواع التكاليف ـ إلا التكليف الذي آتاها اياه ، فاذا لا يراد من اطلاق «تكليفا» المحذوفة انها استعملت في معنيين معنى المفعول المطلق ومعنى المفعول به ، وانما هي مفعول به فقط.
(١) فيصير معنى الآية الكريمة هكذا : لا يكلّف الله نفسا ـ إلّا ما آتاها ـ لسبب عدم اعلامها بالتكاليف ، فعدم التكليف كان بسبب عدم الاعلام ، كما تقول «اكرم العالم» فان سبب ايجاب الاكرام هو عالمية ذاك الطرف ، وكذلك في «الخمر حرام» فان سبب التحريم هو الخمرية ، وهكذا الامر هنا : فلأنه تعالى لم يعلمنا لم يكلّفنا ، فاذا اعلمنا ولو بوجوب الاحتياط فقد كلّفنا ـ ولو بالاحتياط ـ وبناء على هذا الفهم لا تفيدنا هذه الآية قاعدة البراءة.
(٢) فيصير معنى الآية هكذا : لا يكلّف الله نفسا في الموارد التي لم يعلم فيها الشارع ، او قل ان الله تعالى ينفي الكلفة مطلقا إلّا في الاحكام التي اعلمها إيّاها في كل مورد ، فاذا لم يعلمنا بحرمة التدخين مثلا فلا كلفة.