__________________
(قلنا) في هذه الكلمة فوائد رغم انّها لا يتوقف عليها الرّجوع إلى اصالة البراءة ، منها : انه صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد أن يشككهم ولو ظاهرا ، اضافة الى أنه لا علم لهم بالتحريم ، فعدم وجدان الرّسول الأعظم ـ مع عدم علمهم بالتحريم ـ قد يجعل عندهم ظنا او علما ولو في انفسهم ، ومنها : ان الرّسول الأعظم مضطرّ إلى هذا الاستعمال بعد ادّعائه للنبوّة ، ومنها : انه يريد ان يشير إليهم بقناعة بدعوى النبوّة وان انكروها. ومنها : أنّ تكرار مثل هذه الكلمات تقرّب ادّعاء النبوّة إلى اذهانهم لاستئناسهم بها مع كثرة ذكرها وذكر لوازمها ... الخ
وهكذا ظهر لك انّ هذه الآية الكريمة ترشدنا باسلوبها الى قاعدة الحلّية العقلية ، وبمعونة عدم وجود فرق عند العقل بين احتمال الحرمة واحتمال الوجوب. إن لم يكن في الثاني اولى. يثبت ان هذه الآية المباركة تنبهنا على اصالة البراءة عقلا.
ومثل هذه الآية الكريمة قوله تعالى في آخر سورة طه (وقالوا لو لا يأتينا بآية من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصحف الاولى (١٣٣) ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربّنا لو لا أرسلت الينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى (١٣٤) قل كلّ متربّص فتربّصوا فستعلمون من اصحاب الصراط السّوي ومن اهتدى(١٣٥)) انتهت سورة طه.
ـ في كشف المحجة لابن طاووس رحمهالله حديث طويل عن امير المؤمنين (عليهالسلام) وفيه قيل : فمن الوليّ يا رسول الله؟ قال : وليّكم في هذا الزمان أنا ، ومن بعدي وصيّي ، ومن بعد وصيّي لكل زمان حجج الله ، لكيلا يقولون كما قال الضّلّال من قبلكم فارقهم نبيهم (ربّنا لو لا ارسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذلّ ونخزى) ، وانما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات وهم الاوصياء ، فاجابهم الله : (قل كلّ متربص فتربصوا فستعلمون من اصحاب الصراط السويّ ومن اهتدى) ، وانّما كان تربّصهم ان قالوا : نحن في سعة من معرفة الاوصياء حتّى يعلن إمام علمه.
ـ ويظهر من الآية الكريمة بمعونة هذه الرواية وتفسير العلّامة لها (ج ١٤ ص ٢٤٠) وقالوا ـ اي مشركو مكّة ـ لو لا يأتينا ـ اي الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بآية من ربّه تشهد بصدق القرآن وصحته ـ وهذا يعني عدم اعتبارهم القرآن دليلا بيّنا على صدق ادّعاء الرسول ـ فاجابهم الله تعالى أو لم يكفهم شاهدا بيّنة ما في الصحف الاولى من