(إن) أريد به ما يتّقى بعنوانه انحصر بالمخالفة الواقعية للمولى ، فتكون البراءة المستفادة من الآية الكريمة منوطة بعدم بيان الواقع ، (وإن) اريد به ما يتّقى ولو بعنوان ثانوي ظاهري كعنوان المخالفة
__________________
بعيدة عن الفهم العرفي.
(وإنّ) استظهار معنى أضاع يحتاج إلى تقدير «أعمال» ، والتقدير كقاعدة أوّلية على خلاف الأصل العقلائي ، ولا ضرورة تحوجنا إلى هذا التقدير بعد بعد هذا الوجه في نفسه أيضا ، ومثله المعنى الثالث الذي يحتاج أيضا إلى تقدير «يحكم».
(فكأنّ) المتعيّن ، بل هو الظاهر أن نحمل هذه الكلمة على المعنى الثاني ، وهو المتبادر الى الذهن منها ، فيصير معناها. والله العالم. وما كان الله ليضلّ من هداهم عنه وعن سبيله ، وما كان الله تعالى ليكلهم إلى أنفسهم فيضيعوا في الظلمات ... أعاذنا الله من ذلك ، أو قل : يصير معنى الآية الكريمة : وما كان الله ليضلّ من هداهم عنه وعن سبيله حتّى يبيّن لهم ما يتّقونه ، ولا شك أنّ في الاضلال عذابا ، فالمجتهد الذي يبذل جهده في البحث عن احكام الشريعة ولم يجد دليلا حجّة في مورد معيّن ، فهو لم يبيّن له حكم المورد ، فحينئذ لا يضله الله تعالى بمعنى لا يعذّبه إن خالف التكاليف الواقعية المجهولة عنده ولم يحتط ، بل يعفو ويرخّص. (وهذا) هو الوجه الأول في المتن وهو الظاهر عرفا من الآية بدليل قوله تعالى (ما يتقون) أي المورد الذي يتقونه او قل حتى يبيّن لهم الحكم الواقعي ، فاذا لم يبيّن لنا حكم شرب التتن لم يضلنا الله ...
(ثمّ) إنّه ينبغي أن يعلم ان هذه الآية الكريمة تفيد قاعدة البراءة الاعمّ من قاعدة الحلّ ، (وذلك) لأنّ الاتقاء كما يصحّ ان يتعلّق بوجود الشيء كشرب الخمر يصحّ ايضا ان يتعلّق بعدمه كترك الصلاة ، وهذا امر واضح ، ورغم وضوحه صرّحت اكثر من رواية عن الامام الصادق (عليهالسلام) ـ في تفسير هذه الآية ـ انه قال (حتى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه).