قبيل الأول.
لكنهما مما لا ينهض بإثباته : أما الأول : فلأن شرط صحة البيع في الحقيقة ـ كما عرفته من حديث الغرر ـ هو انتفاؤه لا القدرة ويعبر عنه بها إنما هو لما بينهما دائما أو غالبا من الملازمة ، وقد عرفت أن الغرر عبارة عما لا يؤمن معه من الضرر الذي هو عبارة أخرى من محتمل الضرر ، وهو من الأمور الوجدانية التي لاعتقاد المكلف مدخل في وجودها وعدمها ولا يتطرق إليها الجهل والخطأ. فما هو شرط في الحقيقة ليس مما يتطرق إليه الجهل والخطأ ، وما يتطرق إليها ليس بشرط في الحقيقة ، وما هذا شأنه لا يكون إلا من قبيل الثاني.
وتوهم أن العبرة في صدق الغرر إنما هو جنس الغرر الذي هو مما يتطرق إليه الجهل ولا أثر لاعتقاد المكلف في وجوده وعدمه ، ومقتضاه أن يكون الشرط من قبيل الأول. مما لا وجه له ، لأن العبرة في صدق الغرر وعدمه إنما هو بالأمن من الضرر وعدمه ، وهما من الأمور الوجدانية التي يكون لاعتقاد المكلف مدخل فيها ، ولا يتطرق إليها الجهل والخطأ كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الأمر الثاني ، فتبصر.
وقد يستدل للقول الثاني بما عن بعض : من أن الأصحاب اتفقوا على أن انقطاع المسلّم فيه في بيع السلم وعدم وجوده عند الأجل مما لا يوجب فساده ، وهذا منهم يدل على أن شرط القدرة ليس من الشروط الواقعية وإلا لما اتفقوا على أصل الصحة ، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه. وتوهم خروجه بالنص والإجماع المتوقف على وجوده خصوصية فيه دون غيره المعلومة فقدها ، بعيد جدا.