المفصلة ، فإنّا نعلم أولا بالبديهة أن لآكل الميتة وآكل الربا وغيرهما حكما من الأحكام ولكن لا نعرفه بالتفصيل إلا من قوله تعالى (حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)(١) و (حَرَّمَ الرِّبا)(٢) ونحو ذلك.
وثانيهما : ما عن الأشاعرة من أن كلا من الدليل والمدلول خطاب الله تعالى ، إلا أن الأول خطاب بمعنى أنه كلام لفظي والثاني خطاب بمعنى أنه كلام نفسي ، وهما متغايران جزما.
وفيهما ما لا يخفى ، أما الأول فلأنه ـ مضافا إلى أن المعلومات المجملة بوصفها ليست مفاهيم ومداليل للخطابات المفصلة كي تكون هي أدلة عليها ـ أنه خروج عن فرض كون الحكم بمعناه الاصطلاحي كما لا يخفى ، مع استلزامه لخروج الدليل كالكتاب مثلا عن معناه الاصطلاحي ، لأنه بناء عليه يكون كاشفا عن المدعى لا مثبتا للدعوى كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر فساد ما وجهه به بعض محشي القوانين قدسسرهما بما هذا لفظه : ولما كانت المعلومات بالإجمال التي يعرف تفاصيلها من الأدلة من قبيل القضايا العقلية والخطابات المفصلة من قبيل القضايا المفصلة ، فلا يتحد الدليل مع مدلوله. انتهى.
وجهه ما عرفته من أن المعلومات بالإجمال بوصفها ليست مفاهيم للخطابات المفصلة كي تكون بالنسبة إليها من قبيل القضايا المعقولة ، فتبصر.
وأما في الثاني فلأنه بالنظر إلى تفسيرهم له «بأنه مدلول للكلام اللفظي قائم بنفس المتكلم قديم مغاير للعلم والإرادة والكراهة» غير معقول ؛ لأن الكلام
__________________
(١). سورة البقرة : ١٧٣.
(٢). سورة البقرة : ٢٧٥.