التكليف بالواقع الأولي المتروك وعدم كون الجاهل مكلفا فعلا به في الموضعين المزبورين ، مما لا وجه له.
وثانيها : إن الجاهل فيهما مكلف فعلا بالواقع المفروض تركه لا بالمأتي به ، إلا أنه لما كان مشتملا على بعض ما اشتمل عليه الواقع من المصلحة التامة يكون مسقطا له ومخرجا للجاهل المزبور عن عهدته ، وإن لم يكن موجبا لارتفاع عقوبته لتفويته عليه بعض ما يشتمل عليه الواقع المتروك من المصلحة الكاملة.
وتوهم أن المأتي به لا بد من أن يكون مما يصح به قصد التقرب المعتبر في صحة العبادة ، وهو لكونه علة لترك الواقع فيهما يكون محرما فلا يصح به قصده كما لا يخفى. فاسد للفرق بين التلازم والعلية ، والمتصور في الموضعين هو الأول لا الثاني ، فإن ترك الواقع فيهما كالمأتي به فيهما مسبّب عن تقصير الجاهل وهو علة له في الحقيقة. فالمأتي به بعد اختلاف المتلازمين في الحكم كما هو مقتضى التحقيق لا يقع في الخارج إلا مجوزا مقربا كما لا يخفى.
لكنه مخالف لظاهر قوله عليهالسلام في صحيح زرارة الوارد في المسألة «تمت صلاته» ، لأنه ظاهر في كون المأتي به هو المأمور به لا أنه هو الواقع المتروك كما لا يخفى.
والقول بأنه كناية عن سقوط الفعل عن الجاهل ثانيا مطلقا إعادة وقضاء وهو أعم من أن يكون لإتيانه بما هو مسقط له أو بما هو المأمور به ولا دلالة له على الثاني ، بعيد. وهو مع ما فيه من ارتكاب المجاز على وجه مقلوب على قائله ، فكل منهما يفتقر تعيينه إلى دليل مفقود في المقام كما لا يخفى.
وثالثها : إن الجاهل في الموضعين مكلف بالمأتي به والواقع معا مرتبا ،