تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَرَسُولِهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ يَنْكُثُ بَيْعَتَهُ وَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ وَلَا يُشْرِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْأَمْرَ فَيَكُونَ صَيْلَمٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الصيلم الداهية.
وفي حديث آخر من المسند أن ذلك قاله حين بايعوا ابن الزبير فليقض متأمل العجب من عبد الله وتوقفه من نقض بيعة يزيد وإنذار أهله وولده والتشديد عليهم وتحذيرهم من ذلك وأنه لا شيء أعظم منه إلا أن يكون الإشراك فأين يذهب بعبد الله وعلي قوله فما عذر طلحة والزبير في نقض عهد علي علیهما السلام وخلع طاعته ونكث بيعته والخروج عن حكمه ونصب الحرب له فلو أن عبد الله بن عمر بحث مع طلحة والزبير بشرط أن ينصح عليا علیهما السلام نصحه ليزيد ويعرفهما ما في خلع الطاعة ومفارقة الجماعة من الإثم التام والخطيئة العظيمة لأمكن أن يتوقفا عما أقدما عليه ويدخلا فيما خرجا منه والتوفيق عزيز أو أنهما كانا يسهلان على عبد الله نقض بيعة يزيد ويقولان إنا خلعنا عليا ونقضنا عهده فتأس بنا وقس علينا واجعلنا حجة وإنما قلنا ذلك على سبيل الفرض وإلا فطلحة والزبير قتلا ولم يدركا خلافة معاوية فضلا عن خلع يزيد.
وأما القاسطون فهم الجائزون عن سنن الحق الجانحون إلى الباطل المعرضون عن اتباع الهدى الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعين قتالهم كما جرى من قتاله صلی الله علیه وسلم معاوية وأصحابه وهي حروب صفين وقد صرح النبي صلی الله علیه وسلم بكونهم بغاة وَرَوَى الْمُحَدِّثُونَ فِي مَسَانِيدِهِمُ الصِّحَاحِ أَنَّهُ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ : وَفِي آخَرَ تَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ صلی الله علیه وسلم لِعَمَّارٍ أَبْشِرْ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وهذه أحاديث لا خلل في أسنادها ولا اضطراب في متونها (١).
________________
(١) ومن العجيب ما صدر عن العسقلاني في المقام قال في التهذيب في ترجمة عمار بن ياسر بعد ذكر شطر من فضائله : وتواترت الروايات عن النبيّ صلّى اللّه وآله وسلم أنه قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية روى ذلك عن عمّار وعثمان وابن مسعود وحذيفة وابن عبّاس في آخرين وقال الواقدي : والذي اجمع عليه في قتل عمّار انه قتل مع علي