علیهما السلام من المفاخر المشهورة والمآثر المأثورة والأفعال التي هي في صفحات الأيام مسطورة وبألسنة الكتاب والأثر مشكورة ولما له من حق السابقة إلى الإسلام والجهاد الذي ثل به عروش عباد الأصنام (١) ولمواقفه التي ذب بها عن رسول الله وقد لاذ من لاذ بالانهزام ولمواساته له في اليقظة وبذل نفسه دونه في المنام ولموضع تربيته إياه وتفرسه فيه الاستعداد وما قارب سن الاحتلام وهذه الصفات تستند إلى نصوص لا شك فيها ولا لبس وكيف لا وقد خصه من تقريبه بما لم يزل يومه فيه مربيا على الأمس ورفعه في درج الاصطفاء منتقلا من الكوكب إلى القمر إلى الشمس ونبه على مكانه منه بلسان القرآن نائبا عنه فجعله بمنزلة النفس فعلا شرفه بذلك عن المحاولة وارتفعت سماؤه عن اللمس ومع هذه الشيم والخلال فقد استضافوا بفاطمة علیهما السلام إلى مزاياهم مزايا وأنار بها شرفهم فأشرق إشراق المزايا وزادوا بها عزا أفادهم المرباع من المجد والصفايا (٢) وقضى لهم القدر بعلو القدر في كل القضايا ولبني فاطمة علیهما السلام على إخوتهم من بني علي شرف إذا عدت مراتب الشرف ومكانة حصلوا منها في الرأس وإخوتهم في الطرف وجلالة أدرعوا برودها وعزة ارتضعن برودها وعلاء بلغ السماء ذات البروج ومحل علا توقلوه فلم يطمع غيرهم في الارتقاء إليه والعروج فإنهم شاركوا بني أبيهم في سؤدد الآباء وانفردوا بسؤدد الأمهات وقد أوضح الله ذلك فقال (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) فجمعوا بين مجدين تليد وطريف وضموا إلى علامة تعريفهم علامة تعريف وعدوا النبي صلی الله علیه وسلم أبا وجدا وارتدوا من نسبه من قبل أبيهم بردا ومن قبل أمهم بردا فأصبح كل منهم معلم لطرفين ظاهر الشرفين مترفعا عن الأمثال والأنظار متعاليا عن أعين النظار سابقا من يجاريه إلى المضمار وهذا مجال للقلم فيه سنح وإجمال له إيضاح وشرح.
فلنبدأ الآن بذكر فاطمة علیهما السلام التي زاد إشراق هذا النسب بإشراق أنوارها واكتسب فخرا ظاهرا من فخارها واعتلى على الأنساب بعلو منارها
________________
(١) ثل عرش القوم اي ذهب عزهم وهدم ملكهم.
(٢) المرباع : ربع الغنيمة الذي كان يأخذه الرئيس لنفسه.