مِنْ أَنْ أَكْذَبَ عَلَيْهِ : وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْراً لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فقد دلت هذه الأحاديث على ما أصلناه من قتاله صلی الله علیه وسلم على التأويل كما قاتل صلی الله علیه وسلم على التنزيل واقتدائه به وقيامه وأمره ونيابته عنه في هذا الأمر المهم الذي حفظ به نظام الدين وأقام به الأود كف عادية الخوارج المارقين وقتل من قتل منهم واستبقاء من فاء منهم ورجع كما اعتمده مع المشركين حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
وقد تقدم أن النبي صلی الله علیه وسلم كان شديد الحرص على تربية علي والإشفاق عليه مهتما بتعليمه وإرشاده إلى الفضائل وكان في حجره من صغره ملازما له متأدبا بآدابه مقتفيا أفعاله آخذا بطرائقه جاريا على سننه متشبها به صلی الله علیه وسلم وزوجه ابنته علیهما السلام فكان يدخل عليه في غالب أوقاته وفي أوقات لم يكن غيره يدخل عليه فيها.
وَقَدْ نَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ عَلِيٌ كَانَتْ لِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْزِلَةٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلَائِقِ إِنِّي كُنْتُ آتِيهِ كُلَّ سَحَرِهِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ سَبَّحَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَذِنَ لِي فإذا كان المربي المؤدب رسول الله صلی الله علیه وسلم وهو أكمل العالمين وأعلاهم في المعارف وأرفعهم درجات مجد ومنازل شرف وكان التلميذ المؤدب عليا علیهما السلام وأضيف إلى استعداده وفطنته وذكائه نظر النبي صلی الله علیه وسلم إليه وتفرسه فيه قبول ما يلقي إليه مع طول ملازمته له فلا جرم أنه يبلغ أقصى غايات الكمال وينال نهايات معارج المعرفة فتمكن من قول سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي وَسَلُونِي عَنْ طُرُقِ السَّمَاوَاتِ فَإِنِّي أَعْرَفُ بِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَرْضِ وَقَالَ علیهما السلام مَرَّةً لَوْ شِئْتُ لَأَوْقَرْتُ بَعِيراً مِنْ تَفْسِيرِ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ـ) وَقَالَ مَرَّةً لَوْ كُسِرَتْ لِيَ الْوِسَادَةُ ثُمَّ جَلَسْتُ عَلَيْهَا لَقَضَيْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ