إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى بَابِ الرَّحْبَةِ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ أَمْسِكْ هَذَا الدِّرْهَمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مَا شَأْنُ هَذَا الدِّرْهَمِ قَالَ كَانَ ثَمَنُ قَمِيصِكَ دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ بَاعَنِي رِضَايَ وَأَخَذَ رِضَاهُ.
" وَمِنْهُ عَنْ قَمِيصَةِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ لِأَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَقَدْ أَمَرَ بِكَنْسِ بَيْتِ الْمَالِ وَرَشِّهِ فَقَالَ يَا صَفْرَاءُ غُرِّي غَيْرِي يَا بَيْضَاءُ غُرِّي غَيْرِي ثُمَّ تَمَثَّلَ شِعْراً
هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ |
|
إِذْ كُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ |
وَمِنْهُ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِ إِنَّ عَلِيّاً دَخَلَ السُّوقَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَاشْتَرَى قَمِيصاً بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ فَلَبِسَهُ فِي السُّوقِ فَطَالَ أَصَابِعَهُ فَقَالَ لِلْخَيَّاطِ قُصَّهُ (٢) قَالَ فَقَصَّهُ وَقَالَ الْخَيَّاطُ أَحُوصُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا وَمَشَى وَالدِّرَّةُ عَلَى
________________
(١) الجنى : المجنى ويروى [هذا جناي وهجانه فيه] والهجان البيض وهو أحسن البياض واعتقه ، وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عدي بن أخت جذيمة ، وذلك ان جذيمة خرج مبتديا بأهله وولده في سنة مكلئة وضربت أبنية في زهر وروضة فأقبل ولده يجتنون الكماة فإذا أصاب كماة جيدة أكلها وإذا أصابها عمر وخبأها في حجزته ، فأقبلوا يتعادون إلى جذيمة وعمرو يقول ـ وهو صغير ـ :
هذا جناي وخياره فيه |
|
إذ كل جان يده إلى فيه |
فضمه جذيمة إليه والتزمه وسر بقوله وفعله وأمر ان يصاغ له طوق فكان أول عربى طوق ، وكان يقال له عمرو ذو الطوق وهو الذي قيل فيه المثل المشهور : [كبر عمرو عن الطوق].
وتقدير المثل : هذا ما أجتنيه ولم آخذ لنفسي خير ما فيه إذ كل جان يده مائلة إلى فيه يأكله. (كذا في مجمع الأمثال).
(٢) قص الشيء : قطعته.