عن عامة الناس.
فمن ذلك ما حَدَّثَ ابْنُ الْبَخْتَرِيِّ الْقُرَشِيِ قَالَ كَانَتْ رَايَةُ قُرَيْشٍ وَلِوَاؤُهَا جَمِيعاً بِيَدِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الرَّايَةُ فِي يَدِ وُلْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَحْمِلُهَا مَنْ حَضَرَ الْحَرْبَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ صلی الله علیه وسلم فَصَارَتْ رَايَةُ قُرَيْشٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ص. فَأَقَرَّهَا فِي بَنِي هَاشِمٍ وَأَعْطَاهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فِي غَزْوَةِ وَدَّانَ وَهِيَ (١) أَوَّلُ غَزْوَةٍ حُمِلَتْ فِيهَا رَايَةٌ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ مَعَهُ فِي الْمَشَاهِدِ بِبَدْرٍ وَهِيَ الْبَطْشَةُ الْكُبْرَى وَفِي يَوْمِ أُحُدٍ وَكَانَ اللِّوَاءُ يَوْمَئِذٍ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ وَاسْتُشْهِدَ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَتَشَوَّفَتْهُ القَبَائِلُ (٢) فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَدَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَمَعَ لَهُ بَيْنَ الرَّايَةِ وَاللِّوَاءِ.
" وَرَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام أَرْبَعٌ مَا هُنَّ لِأَحَدٍ هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ وَهُوَ صَاحِبُ لِوَائِهِ فِي كُلِّ زَحْفٍ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ الْمِهْرَاسِ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ (٣) وَفَرَّ النَّاسُ وَهُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ قَبْرَهُ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ وَجَدْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَوْماً طَيِّبَ النَّفْسِ فَقُلْنَا لَوْ حَدَّثْتَنَا عَنْ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَيْفَ كَانَ فَقَالَ أَجَلْ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ذِكْرِ الْحَرْبِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم اخْرُجُوا إِلَيْهِمْ عَلَى اسْمِ اللهِ تَعَالَى فَخَرَجْنَا فَصَفَفْنَا صَفّاً طَوِيلاً وَأَقَامَ عَلَى الشِّعْبِ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْهُمْ وَقَالَ لَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا وَإِنْ قُتِلْنَا عَنْ آخِرِنَا فَإِنَّمَا نُؤْتَى مِنْ مَوْضِعِكُمْ وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِإِزَائِهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَكَانَتْ أَلْوِيَةُ قُرَيْشٍ فِي بَنِي عَبْدِ
________________
(١) ودان ـ بفتح الواو وتشديد الدال ـ : اسم موضع بين مكّة والمدينة.
(٢) تشوف للشيء : طمح بصره إليه.
(٣) وقد مر في صفحة ٨١ في ما بين المعقفتين ان يوم المهراس يوم حنين وانما سمى بذلك لشدته مأخوذ من الهرس وهو الدق. وعن بعض أهل اللغة ان المهراس اسم ماء بأحد.