شَبَّهْتُ قَتْلَ عَلِيٍّ عَمْراً إِلَّا بِمَا قَصَّ اللهُ مِنْ قِصَّةِ دَاوُدَ وَجَالُوتَ
وَعَنْ رَبِيعَةَ السَّعْدِيِّ قَالَ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ عَنْ عَلِيٍّ وَمَنَاقِبِهِ فَيَقُولُ لَنَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ إِنَّكُمْ تُفْرِطُونَ فِي عَلِيٍّ فَهَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي بِحَدِيثٍ فِيهِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَا رَبِيعَةُ وَمَا تَسْأَلُنِي عَنْ عَلِيٍّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ وُضِعَ جَمِيعُ أَعْمَالِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ مُنْذُ بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَوُضِعَ عَمَلُ عَلِيٍّ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى لَرَجَحَ عَمَلُ عَلِيٍّ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهِمْ فَقَالَ رَبِيعَةُ هَذَا الَّذِي لَا يُقَامُ لَهُ وَلَا يَقْعُدُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَا لُكَعُ (١) وَكَيْفَ لَا يُحْمَلُ وَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَحُذَيْفَةُ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَقَدْ دَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَأَحْجَمَ النَّاسُ (٢) كُلُّهُمْ مَا خَلَا عَلِيّاً علیهما السلام فَإِنَّهُ بَرَزَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ اللهُ عَلَى يَدِهِ وَالَّذِي نَفْسُ حُذَيْفَةَ بِيَدِهِ لَعَمَلُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ عَمَلِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنْشَدَ الْأَبْيَاتَ وَفِيهَا بَعْدَ «الْيَوْمِ يَمْنَعُنِي الْفِرَارُ حَفِيظَتِي»
الْيَوْمِ يَمْنَعُنِي الْفِرَارُ حَفِيظَتِي |
|
أَرْدَيْتَ عَمْراً إِذْ طَغَى بِمُهَنَّدٍ (٣) |
صَافِي الْحَدِيدِ مُجَرَّبٌ قَضَّابٌ |
وَلَمَّا قَتَلَ عَمْراً أَقْبَلَ نَحْوَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هَلَّا سَلَبْتَهُ يَا عَلِيُّ دِرْعَهُ فَمَا لِأَحَدٍ دِرْعٌ مِثْلُهَا فَقَالَ إِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْ سَوْأَةِ ابْنِ عَمِّي.
وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ عَمْراً اجْتَزَّ رَأْسَهُ وَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَبَّلَا رَأْسَ عَلِيٍّ علیهما السلام وقال أبو بكر بن عياش لقد ضرب علي ضربة ما كان في الإسلام ضربة أعز منها يعني ضربة علي لعمرو بن عبد ود ولقد ضرب علي ضربة ما كان في الإسلام أشأم منها يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله.
وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَلَمْ يَحْضُرْنِي الْكِتَابِ عِنْدَ جَمْعِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ حِينَ بَارَزَ عَلِيٌّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ خَرَجَ الْإِسْلَامُ كُلُّهُ إِلَى الشِّرْكِ كُلِّهِ وَفِي هَذِهِ
________________
(١) اللكع : اللئيم والعبد الأحمق.
(٢) أحجم فلان عن الشيء : كف أو نكص هيبة.
(٣) المهند : السيف المطبوع من حديد الهند. والقضاب بمعنى القطاع.