الأمر بها والحث عليها والإشارة بذكرها ولعلها تزيد على خمسين موضعا أو أكثر.
وَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم نُسُكَهُ شَرِكَ عَلِيّاً فِي هَدْيِهِ وَقَفَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَهُ فَانْتَهَى إِلَى غَدِيرِ خُمٍّ فَنَزَلَ حِينَ لَا مَوْضِعَ نُزُولٍ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى وَنَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَكَانَ سَبَبَ نُزُولِهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِنَصْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلِيفَةً فِي الْأُمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ وَتَقَدَّمَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ فَأَخَّرَهُ إِلَى وَقْتٍ يَأْمَنُ فِيهِ الِاخْتِلَافَ وَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ تَجَاوَزَ غَدِيرَ خُمٍّ انْفَصَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى بِلَادِهِمْ وَأَمَاكِنِهِمْ وَبَوَادِيهِمْ فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لِسَمَاعِ النَّصِّ وَتَأْكِيدِ الْحُجَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٢) يَعْنِي فِي اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فَأَكَّدَ الْفَرْضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَخَوَّفَهُ مِنْ تَأْخِيرِ الْأَمْرِ وَضَمِنَ لَهُ الْعِصْمَةَ وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْهُ فَنَزَلَ كَمَا وَصَفْنَا وَكَانَ يَوْماً قَائِظاً شَدِيدَ الْحَرِّ وَسَاقَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ قَوْلِهِ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ إِلَى آخِرِهِ وَنَعَى إِلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَقَالَ قَدْ حَانَ مِنِّي خُفُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ وَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَقَالُوا اللهُمَّ بَلَى فَقَالَ عَلَى النَّسَقِ وَقَدْ أَخَذَ بِضَبْعَيْ عَلِيٍّ علیهما السلام فَرَفَعَهُمَا حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ثُمَّ نَزَلَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَأَمَرَ عَلِيّاً أَنْ يَجْلِسَ فِي خَيْمَةٍ بِإِزَائِهِ وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ فَوْجاً فَوْجاً فَيُهَنِّئُوهُ بِالْمَقَامِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَأَمَرَ أَزْوَاجَهُ وَنِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ فَفَعَلَتْهُ وَأَظْهَرَ عُمَرُ بِذَلِكَ سُرُوراً كَامِلاً وَقَالَ فِيمَا قَالَ بَخْ بَخْ لَكَ يَا عَلِيُّ أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَاسْتَأْذَنَ حَسَّانُ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْإِنْشَادِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَنْشَدَ :
يُنَادِيهِمْ يَوْمَ الْغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ |
|
بِخُمٍّ وَأَسْمَعُ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً |
________________
(١) اى رجمع معه.
(٢) المائدة : ٦٧