يُسَمَّى حَرْباً وَكَانَ شُجَاعاً فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَيْلَكَ يَا حَرْبُ اخْرُجْ إِلَى هَذَا الْفَارِسِ فَاكْفِنِي أَمْرَهُ فَقَدْ قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِي مَا قَدْ رَأَيْتَ فَقَالَ لَهُ حَرْبٌ وَاللهِ إِنِّي أَرَى مَقَامَ فَارِسٍ لَوْ بَرَزَ إِلَيْهِ أَهْلُ عَسْكَرِكَ لَأَفْنَاهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ فَإِنْ شِئْتَ بَرَزْتُ إِلَيْهِ وَأَعْلَمُ أَنَّهُ قَاتِلِي وَإِنْ شِئْتَ فَاسْتَبِقْنِي لِغَيْرِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَا وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تُقْتَلَ فَقِفْ مَكَانَكَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ غَيْرُكَ وَجَعَلَ عَلِيٌّ علیهما السلام يُنَادِيهِمْ وَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَرَفَعَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ وَرَجَعَ إِلَى عَسْكَرِهِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَبْطَالِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ كُرَيْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَطَلَبَ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْمُبَرْقَعُ الْخَوْلَانِيُّ فَقَتَلَهُ الشَّامِيُّ وَخَرَجَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَتَلَهُ أَيْضاً فَرَأَى عَلِيٌّ علیهما السلام فَارِساً بَطَلاً فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ علیهما السلام بِنَفْسِهِ فَوَقَفَ قُبَالَتَهُ وَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا كُرَيْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحِمْيَرِيُّ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَيْحَكَ يَا كُرَيْبُ إِنِّي أُحَذِّرُكَ اللهَ فِي نَفْسِكَ وَأَدْعُوكَ إِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَقَالَ لَهُ كُرَيْبٌ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي أَرَاكَ فَارِساً بَطَلاً فَيَكُونُ لَكَ مَا لَنَا وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْنَا وَتَصُونُ نَفْسَكَ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَلَا يُدْخِلَنَّكَ مُعَاوِيَةُ نَارَ جَهَنَّمَ فَقَالَ كُرَيْبٌ ادْنُ مِنِّي إِنْ شِئْتَ وَجَعَلَ يَلُوحُ بِسَيْفِهِ فَمَشَى إِلَيْهِ عَلِيٌّ علیهما السلام فَالْتَقَيَا ضَرْبَتَيْنِ بَدَرَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ علیهما السلام الْحَارِثُ الْحِمْيَرِيُّ فَقَتَلَهُ وَآخَرُ فَقَتَلَهُ حَتَّى قَتَلَ أَرْبَعَةً وَهُوَ يَقُولُ (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ثُمَّ صَاحَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَا مُعَاوِيَةُ هَلُمَّ إِلَى مُبَارَزَتِي وَلَا تُفْنِيَنَّ الْعَرَبَ بَيْنَنَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَتَلْتَ أَرْبَعَةً مِنْ سِبَاعِ الْعَرَبِ فَحَسْبُكَ فَصَاحَ شَخْصٌ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ اسْمُهُ عُرْوَةُ بْنُ دَاوُدَ يَا عَلِيُّ إِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ كَرِهَ مُبَارَزَتَكَ فَهَلُمَّ إِلَى مُبَارَزَتِي فَذَهَبَ عَلِيٌّ نَحْوَهُ فَبَدَرَهُ عُرْوَةُ بِضَرْبَةٍ فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئاً فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَأَسْقَطَهُ قَتِيلاً ثُمَّ قَالَ انْطَلِقْ إِلَى النَّارِ وَكَبُرَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ عِنْدَ قَتْلِ عُرْوَةَ وَجَاءَ اللَّيْلُ وَخَرَجَ عَلِيٌّ علیهما السلام فِي يَوْمٍ آخَرَ مُتَنَكِّراً وَطَلَبَ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ عَلِيٌّ وَعَرَفَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام فَاطَّرَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيُبَعِّدَهُ عَنْ عَسْكَرِهِ فَتَبِعَهُ عَمْرٌو مُرْتَجِزاً :
يَا قَادَةَ الْكُوفَةِ مِنْ أَهْلِ الْفِتَنِ |
|
أَضْرِبُكُمْ وَلَا أَرَى أَبَا الْحَسَنِ |