في التأويل ودخولهم في الكفر والفسق بالدليل هذا عبد الله كان زاهدا وأمره النبي بطاعة أبيه كما ورد وهو روى أن عمارا تقتله الفئة الباغية وما أحس أن طاعة أبيه إنما يجب اتباعها إذا كانت في خير وطاعة أتراه لم يسمع : لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي عِصْيَانُ الْخَالِقِ وهو كما روي أن أول كلام قاله أبو بكر رضي الله عنه حين ولي الخلافة أولم يسمع قوله تعالى (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) الآية إلى آخرها.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ سَيَلِي أُمُورَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ وَيُنْكِرُونَكُمْ مَا تَعْرِفُونَ فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللهَ تَعَالَى فَلَا تَعْتَلُوا بِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَ وكذا حال كل من عاند عليا علیهما السلام فإن منهم من عرف فضله وسابقته وشرفه لكنهم غلبوا حب الدنيا على الآخرة وباعوا نصيبهم منها بعاجل حصل لهم فكانوا من الأخسرين (أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ـ كمعاوية وعمرو بن العاص وأمثالهما ومنهم من أخطأ في التأويل ـ كعبد الله بن عمرو والخوارج ومنهم من قعد عنه شاكا في حروبه ومغازيه وهم جماعة وندموا عند موتهم حين لا ينفع الندم كعبد الله بن عمر وغيره فإنه ندم على تخلفه عن علي علیهما السلام حين لا ينفع الندم كما ورد ونقلته الرواة ومنهم من ظهرته أمارات الحق وأدركه الله برحمته فاستدرك الفارط كما جرى لخزيمة بن ثابت فإنه ما زال شاكا معتزلا الحرب في الجمل وفي بعض أيام صفين فلما قتل عمار رحمهالله أصلت سيفه وقاتل حتى قتل ولا أكاد أعذر أحدا ممن تخلف عنه صلی الله علیه وسلم ولا أنسب ذلك منهم إلا إلى بله وقلة تمييز وعدم تعقل وغباوة عظيمة فإن دخول علي في أمر ما دليل على حقية ذلك الأمر وصحته وثباته ووجوب العمل به لفضله وعلمه في نفسه ولِقَوْلِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي حَقِّهِ أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ في أمثال لذلك كثيرة ولكن التوفيق عزيز والله يهدي (لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).
وأنشدني بعض الأصحاب هذه الأبيات وقال إنها وجدت مكتوبة على باب