وادعى كل فريق منهم الحق فلما رأينا ذلك وقفنا الفريقين لنبحث ونعلم المحق من المبطل.
فسألناهم جميعا هل للناس بد من وال يقيم أعيادهم ويجبي زكواتهم ويفرقها على مستحقيها ويقضي بينهم ويأخذ لضعيفهم من قويهم ويقيم حدودهم فقالوا لا بد من ذلك فقلنا هل لأحد أن يختار أحدا فيوليه بغير نظر في كتاب الله وسنة نبيه صلی الله علیه وسلم فقالوا لا يجوز ذلك إلا بالنظر فسألناهم جميعا عن الإسلام الذي أمر الله به فقالوا إنه الشهادتان والإقرار بما جاء من عند الله والصلاة والصوم والحج بشرط الاستطاعة والعمل بالقرآن يحل حلاله ويحرم حرامه فقبلنا ذلك منهم ثم سألناهم جميعا هل لله خيرة من خلقه اصطفاهم واختارهم فقالوا نعم فقلنا ما برهانكم فقالوا قوله تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) من أمرهم فسألناهم من الخيرة فقالوا هم المتقون قلنا ما برهانكم قالوا قوله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) فقلنا هل لله خيرة من المتقين قالوا نعم المجاهدون بأموالهم بدليل قوله تعالى (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) فقلنا هل لله خيرة من المجاهدين قالوا جميعا نعم السابقون من المهاجرين إلى الجهاد بدليل قوله تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) الآية فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم عليه وعلمنا أن خيرة الله من خلقه المجاهدون السابقون إلى الجهاد ثم قلنا هل لله منهم خيرة قالوا نعم قلنا من هم قالوا أكثرهم عناء في الجهاد وطعنا وضربا وقتلا في سبيل الله بدليل قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) فقبلنا ذلك منهم وعلمناه وعرفنا أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد عناء وأبذلهم لنفسه في طاعة الله وأقتلهم لعدوه فسألناهم عن هذين الرجلين علي بن أبي طالب علیهما السلام وأبي بكر أيهما كان أكثر عناء في الحرب وأحسن بلاء في سبيل الله فأجمع الفريقان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه كان أكثر طعنا وضربا وأشد قتالا وأذب عن دين الله ورسوله صلی الله علیه وسلم فثبت بما ذكرناه من إجماع الفريقين ودلالة