سائرا وحده وليس له |
|
زاد فما زلت دائما أتفكر |
وتوهمت أنه يسأل الناس |
|
ولم أدر أنه الحج الأكبر |
ثم عاينته ونحن نزول |
|
دون فيد على الكثيب الأحمر (١) |
يضع الرمل في الإناء ويشربه |
|
فناديته وعقلي محير |
اسقني شربة فناولني |
|
منه فعاينته سويقا وسكر |
فسألت الحجيج من يك هذا |
|
قيل هذا الإمام موسى بن جعفر |
فهذه الكرامات العالية المقدار الخارقة للعوائد هي على التحقيق حلية المناقب وزينة المزايا وغرر الصفات ولا يؤتاها إلا من أفاضت عليه العناية الربانية أنوار التأييد ومرت له أخلاق التوفيق وأزلفته من مقام التقديس والتطهير (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
ولقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسى ع أشرف منقبته وشهدت له بعلو مقامه عند الله تعالى وزلفى منزلته لديه وظهرت بها كراماته بعد وفاته ولا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكثر منها دلالة حال الحياة.
وهي أن من عظماء الخلفاء مجدهم الله تعالى من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان وكان في ولاية عامة طالت فيها مدته وكان ذا سطوة وجبروت فلما انتقل إلى الله تعالى اقتضت عناية الخليفة له أن تقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الإمام موسى بن جعفر ع بالمشهد المطهر وكان بالمشهد المطهر نقيب معروف ومشهود له بالصلاح كثير التودد والملازمة للضريح والخدمة له قائم بوظائفها فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن هذا المتوفى في ذلك القبر بات بالمشهد الشريف فرأى في منامه أن القبر قد انفتح والنار تشتعل فيه وقد انتشر منه دخان ورائحة قتار (٢) ذلك المدفون فيه إلى أن ملأت المشهد وأن الإمام موسى ع واقف فصاح لهذا النقيب
__________________
(١) فيد : منزل بطريق مكّة سمى بفيد بن حام وهو أول من نزل به والكثيب : التل من الرمل
(٢) القتار ـ بالضم ـ : ريح القدر والشواء والعظم المحرق.