وهذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب الشبهة ويهدي به الله من حسر عن بصره وبصيرته رين العمى والعمة وليت السيد كان حيا لأهدي هذه العقيلة إليه وأجلو عرائسها عليه فما أظن أن هذا المعنى اتضح من لفظ الدعاء لغيري ولا أن أحدا سار في إيضاح مشكله وفتح مقفله مثل سيري وقد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب وقديما ما قيل مع الخواطئ سهم صائب.
وقال ابن حمدون في تذكرته قال موسى بن جعفر ع وجدت علم الناس في أربع أولها أن تعرف ربك والثانية أن تعرف ما صنع بك والثالثة أن
__________________
* والمزارع ووجد لذة التفرج وأكل الثمار والانتفاع من الأنهار والأزهار عيانا ، وقد ثبت في علم الفلسفة أيضا ان درك لذات العالم بتشخص الوجود لا الماهية. ولعلّ هذا أحد اسرار قصة المعراج وسيره (ص) جميع العوالم ، فإنه لا بدّ لهذا النبيّ إذا أراد أن يصير واجدا لجميع الكمالات السير في جميع العوالم واستكمال جهة الملكوتية واللاهوتية الكائنة في وجوده (ص) وانسه وارتباطه مع كل من سكنها حتّى تحصل السنخية ويدرك لذة مراتب الوجود بأسرها وتمامها.
إذا عرفت هذا فنقول : ان العبد الكامل من عبد اللّه في جميع مراتب العبودية وحيث كانت العبادة على اقسام فقسم منها عبادة المخلصين الراجين ، وقسم منها عبادة الخائفين العاصين ، وكان الإمام (ع) طالبا لان يعبد اللّه بالعبودية الكاملة والسير في جميع مراحلها ففي بعض الأحيان نزل نفسه منزلة المذنب العاصي ويذكر في دعائه ما يقوله المرتكب لجميع المعاصي وليس ذلك الا لما ذكر من درك ملاذ العبادة بجميع اقسامها والوصول إلى كمال العبودية من طرقها بأسرها.
ويشهد لما ذكرنا بل يدلّ عليه قول الإمام زين العابدين (ع) في دعائه في التذلل للّه (على ما في الصحيفة الكاملة ـ الدعاء الثالث والخمسون ـ) قال (ع) بعد كلام له ... قد أوقفت نفسي موقف الأذلاء المذنبين ، موقف الأشقياء المتبحرين عليك ، المستخفين بوعدك ... الدعاء. وهذا هو المراد في جميع ما ورد في الأدعية من الاعتراف بالذنب والمعصية من هؤلاء المعصومين (ص) :