فأرسل إلى أهل القافلة فاستحضر منهم جماعة وسألهم عني فقالوا بأسرهم هذا دعبل بن علي بن الخزاعي فقال قد أطلقت كلما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك ثم نادى في أصحابه من أخذ شيئا فليرده فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم ورجع إلي جميع ما كان معي ثم بذرقنا (١) إلى المأمن فحرست أنا والقافلة ببركة القميص والمنشفة.
فانظر إلى هذه المنقبة ما أشرفها وما أعلاها وقد يقف على هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الكتاب ويقرؤه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة بمدارس آيات ويشتهي الوقوف عليها وينسبني في إعراضي عن ذكرها إما إلى أنني لم أعرفها أو أنني جهلت ميل النفوس حينئذ إلى الوقوف عليها فأحببت أن أدخل راحة على بعض النفوس وأن أدفع عني هذا النقص المتطرق إلي ببعض الظنون فأوردت منها ما يناسب ذلك وهي.
ذكرت محل الربع من عرفات |
|
فأسبلت دمع العين بالعبرات (٢) |
وقل عرى صبري وهاجت صبابتي |
|
رسوم ديار أقفرت وعرات (٣) |
مدارس آيات خلت من تلاوة |
|
ومنزل وحي مقفر العرصات (٤) |
لآل رسول الله بالخيف من منى |
|
وبالبيت والتعريف والجمرات (٥) |
ديار علي والحسين وجعفر |
|
وحمزة والسجاد ذي الثفنات |
__________________
(١) البذرقة : الخفارة ، فارسي معرب يقال بعث السلطان بذرقة مع القافلة. وقيل : البذرقة العصمة اي يعتصم بها.
(٢) الربع : المنزل والمحلة. وأسبل الدمع : أرسله.
(٣) العرى : الذي يعول عليه. وهاج الشيء وهاجه غيره يستعمل لازما ومتعديا فعلى الأول فقوله «صبابتى» فاعله وعلى الثاني ففاعله «رسوم». والصبابة : رقة الشوق وحرارته. والوعر : ضد السهل.
(٤) أقفرت الدار : خلت.
(٥) التعريف : وقوف عرفة والمراد هنا محله.