حالا من كان معه سكين قطع بها شرابة جاجيلته (١) ونزعها وتحفى وكبر الرضا ع وكبر الناس معه فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لما رأوا وسمعوا تكبيره وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس وخفنا على دمائنا فبعث إليه المأمون قد كلفناك شططا وأتعبناك ولا نحب أن تلحقك مشقة فارجع وليصل بالناس من كان يصلي بهم فدعا بخفه فلبسه وركب ورجع واختلف الناس في ذلك اليوم ولم ينتظم أمر صلاتهم.
وعن ياسر قال لما عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى العراق خرج معه الفضل وخرجنا مع الرضا ع فورد على الفضل كتاب من أخيه الحسن ونحن في بعض المنازل أني نظرت في تحويل السنة فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا ع في ذلك اليوم الحمام وتحتجم فيه وتصب على بدنك الدم ليزول عنك نحسه فكتب الفضل إلى المأمون بذلك وسأله أن يسأل الرضا ع ذلك فكتب المأمون إلى الرضا ع فأجابه لست داخلا الحمام غدا فأعاد إليه الرقعة مرتين فكتب الرضا ع لست داخلا الحمام غدا فإني رأيت رسول الله ص في هذه الليلة فقال لي يا علي لا تدخل الحمام غدا فلا أرى لك يا أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا فكتب المأمون صدقت يا أبا الحسن وصدق رسول الله ص ولست بداخل الحمام غدا والفضل أعلم. (٢)
قال ياسر فلما أمسانا وغابت الشمس قال لنا الرضا ع قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة فلم نزل نقول ذلك فلما صلى الصبح قال لي اصعد إلى السطح فاستمع فلما صعدت سمعت ضجة وكثرت وزادت وإذا المأمون قد
__________________
(١) الجاجيلة : نوع من النعل تتخذ من الجلد خاصّة. والشرابة ما يقال له بالفارسية «بند».
(٢) أي هو أعلم بنفسه فله ما أراد.