الله عليكم فلا تملوا النعم فتحور نقما (١)
واعلموا أن المعروف مكسب حمدا ومعقب أجرا فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا (٢) مشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار.
أيها الناس من جاد ساد ومن بخل رذل وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجو وإن أعفى الناس من عفى عن قدرة وإن أوصل الناس من وصل من قطعه والأصول على مغارسها بفروعها تسموا فمن تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا ومن أراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ومن أحسن أحسن الله إليه (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
قلت هذا الفصل من كلامه ع وإن كان دالا على فصاحته ومبينا عن بلاغته فإنه دال على كرمه وسماحته وجوده وهبته مخبر عن شرف أخلاقه وسيرته وحسن نيته وسريرته شاهد بعفوه وحلمه وطريقته فإن هذا الفصل قد جمع مكارم أخلاق لكل صفة من صفات الخير فيها نصيب واشتمل على مناقب عجيبة وما اجتماعها في مثله بعجيب.
وخطب ع فقال إن الحلم زينة والوفاء مروءة والصلة نعمة والاستكبار صلف والعجلة سفه والسفه ضعف والغلو ورطة ومجالسة أهل الدناءة شر ومجالسة أهل الفسق ريبة.
ولما قتل معاوية حجر بن عدي رحمهالله وأصحابه لقي في ذلك العام الحسين ع فقال يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعت بحجر وأصحابه من شيعة أبيك قال لا قال إنا قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم فضحك الحسين ع ثم قال خصمك
__________________
(١) حار حورا : رجع.
(٢) السمج : القبيح.
(٣) الصلف : مجاوزة القدر : في الظرف ، والبراعة والادعاء فوق ذلك تكبرا.