ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك قال لم يزل الرضا يرينا العجائب في حياته حتى أراناها بعد وفاته فقال له قرين كان معه أتدري ما أخبرك به الرضا ع قال لا قال أخبركم أن ملككم بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم قال له صدقت قلت ما أعجب هذا التأويل ولو جعل ذلك دليلا على ما جرى من زوال ملكهم كان أغرب.
ثم قال يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به قلت والله لقد أنسيته من ساعتي وقد كنت صدقت فأمر بحبسي وضاق علي الحبس وسألت الله أن يفرج عني بحق محمد وآله فلم أستتم الدعاء حتى دخل علي محمد بن علي ع وقال لي ضاق صدرك يا أبا الصلت فقلت إي والله قال فقم واخرج ثم ضرب بيده إلى القيود التي كانت علي ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني وخرجت من باب الدار ثم قال امض في ودائع الله فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا قال أبو الصلت فلم ألتق المأمون حتى هذا الوقت ..
" وروى عن إبراهيم بن العباس قال كانت البيعة للرضا ع لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين وزوجه ابنته أم حبيب في أول سنة اثنتين ومائتين وتوفي سنة ثلاث ومائتين والمأمون متوجه إلى العراق.
وفي رواية هرثمة بن أعين عن الرضا ع في حديث طويل أنه قال يا هرثمة هذا أوان رحيلي إلى الله عزوجل ولحوقي بجدي وآبائي ع وقد بلغ الكتاب أجله فقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفتوت مفروك فأما (١) العنب فإنه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب وأما الرمان فيطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان به ليطلخ الحب بذلك السم وأنه سيدعوني في اليوم المقبل ويقرب إلي الرمان والعنب ويسألني أن آكلهما فآكلهما ثم ينفذ الحكم ثم ساق الحديث بطوله قريبا من حديث أبي
__________________
(١) الفرك : دلك الشيء حتّى ينقلع قشره عن لبه كالجوز