فقلت ومن أنت قال أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت أنا محمد بن علي ثم مضى نحو أبيه ع فدخل وأمرني بالدخول معه فلما نظر إليه الرضا ع وثب إليه وعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه ثم سحبه سحبا في فراشه وأكب عليه محمد يقبله ويساره بشيء لم أفهمه فرأيت على شفتي الرضا ع زبدا أشد بياضا من الثلج فرأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين ثوبيه وصدره فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر ومضى الرضا ع.
فقال أبو جعفر قم يا أبا الصلت وائتني بالغسل والماء من الخزانة فقلت ما في الخزانة مغسل ولا ماء فقال انته إلى ما أمرتك فدخلت إلى الخزانة فوجدت ذلك فأخرجته وشمرت ثيابي لأغسله معه فقال يا أبا الصلت إن معي من يعينني غيرك فغسله ثم قال لي أخرج من الخزانة السفط الذي فيه كفنه وحنوطه فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط فحملته إليه وكفنه وصلى عليه.
ثم قال ائتني بالتابوت فقلت له أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتا قال قم فإن في الخزانة تابوتا فدخلت فوجدته فأتيته به فأخذه ع فوضعه في التابوت بعد ما صلى عليه وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى ارتفع التابوت فانشق السقف فخرج منه ومضى فقلت يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا فما نصنع فقال لي اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت في المشرق ويموت وصيه في المغرب إلا جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما فما أتم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت فقام ع واستخرج الرضا ع من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم يكفن.
ثم قال قم يا أبا الصلت فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول يا سيداه فجعت بك يا سيدي ثم دخل وجلس عند رأسه وقال خذوا في تجهيزه فأمر أن يحفر له في القبلة فقلت أمرني أن أحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحه فقال انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح ولكن يحفر له ويلحد فلما رأى ما