قال لي محمد بن الفرج الرخجي إن أبا الحسن ع كتب إلي يا محمد اجمع أمرك وخذ حذرك فقال أنا في جمع أمري لست أدري ما أراد بما كتب إلي حتى ورد علي رسول حملني من مصر مصفدا بالحديد وضرب علي كلما أملك فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب منه وأنا في السجن يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي فقرأت الكتاب وقلت في نفسي يكتب أبو الحسن بهذا إلي وأنا في السجن إن هذا لعجب فما مكثت إلا أياما يسيرة حتى أفرج عني وحلت قيودي وخلي سبيلي قال فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله أن يرد ضياعي علي قال فكتب إلي سوف ترد عليك وما يضرك أن لا ترد عليك قال علي بن محمد النوفلي فلما شخص محمد بن الفرج الرخجي إلى العسكر كتب له برد ضياعه عليه فلم يصل الكتاب حتى مات.
وكتب علي بن الخضيب إلى محمد بن الفرج بالخروج إلى العسكر فكتب إلى أبي الحسن يشاوره في ذلك فكتب إليه أبو الحسن ع اخرج فإن فيه فرجك إن شاء الله فخرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات.
أبو يعقوب قال رأيت محمد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشية من العشايا وقد استقبل أبا الحسن ع فنظر إليه نظرا شافيا فاعتل محمد بن الفرج من الغد فدخلت عليه عائدا بعد أيام من علته فحدثني أن أبا الحسن قد أنفذ إليه بثوب وأرانيه مدرجا تحت رأسه قال فكفن فيه والله.
قال أبو يعقوب رأيت أبا الحسن ع مع أحمد بن الخضيب يتسايران وقد قصر أبو الحسن ع عنه فقال له ابن الخضيب سر جعلت فداك فقال أبو الحسن أنت المقدم فما لبثنا إلا أربعة أيام حتى وضع الدهق (١) على ساق ابن الخضيب وقتل.
قال وألح عليه ابن الخضيب في الدار التي كان نزلها وطالبه بالانتقال منها إليه فبعث إليه أبو الحسن ع لأقعدن بك والله مقعدا لا تبقى لك معه باقية
__________________
(١) الدهق ـ محركة ـ : خشبتان يغمز بهما ساق المجرمين.