فأخذه الله في تلك الأيام.
وقال أبو الطيب يعقوب بن ياسر كان يقول المتوكل ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا وجهدت أن يشرب معي أو ينادمني فامتنع وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعنى فلم أجدها فقال له بعض من حضر إن لم تجد من ابن الرضا ما تريد من هذا الحال فهذا أخوه موسى قصاف عزاف (١) يأكل ويشرب ويعشق ويتخالع فأحضره واشهره فإن الخبر يشيع عن ابن الرضا بذلك فلا يفرق الناس بينه وبين أخيه ومن عرفه اتهم أخاه بمثل فعاله فقال اكتبوا بإشخاصه مكرما فأشخص مكرما وتقدم المتوكل أن يلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعمل على أنه إذا رآه أقطعه قطيعة وبنى له فيها وحول إليها الخمارين والقيان (٢) وتقدم بصلته وبره وأفرد له منزلا سريا يصلح أن يزوره هو فيه فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف وهو موضع يتلقى فيه القادمون فسلم عليه ووفاه حقه ثم قال له إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط واتق الله يا أخي أن ترتكب محظورا فقال له موسى إنما دعاني لهذا فما حيلتي قال فلا تضع من قدرك ولا تعص ربك ولا تفعل ما يشينك فما غرضه إلا هتكك فأبى عليه موسى فكرر عليه أبو الحسن ع القول والوعظ وهو مقيم على خلافه فلما رأى أنه لا يجيب قال له أما إن المجلس الذي تريد الاجتماع معه عليه لا تجتمع عليه أنت وهو أبدا فأقام موسى ثلاث سنين يبكر كل يوم إلى باب المتوكل ـ فيقال له قد تشاغل اليوم فيروح ثم يعود فيقال له قد سكر ويبكر فيقال له إنه قد شرب دواء فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه على شراب.
وروى زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال ـ مرضت فدخل الطبيب علي ليلا ووصف لي دواء آخذه في السحر كذا وكذا يوما فلم يمكني تحصيله من الليل
__________________
(١) القصف : اللهو واللعب والقصاف مبالغة منه. والعزاف مبالغة في العازف اللاعب بالمعازف وهي الملاهي كالعود والطنبور.
(٢) جمع القينة : المغنية.