هاهنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو قال فأقبل راكبا على فرس وقد قام الناس صفين يمنة الطريق ويسرتها ينظرون إليه فلما رأيته وقفت فأبصرته فوقع حبه في قلبي فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته لا يلتفت وأنا دائم الدعاء له فلما صار إلي أقبل علي بوجهه وقال استجاب الله دعاءك وطول عمرك وكثر مالك وولدك قال فارتعدت ووقعت بين أصحابي فسألوني ما شأنك فقلت خير ولم أخبرهم فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان ففتح الله علي وجوها من المال حتى أني أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم سوى مالي خارج داري ورزقت عشرة من الأولاد وقد بلغت من عمري نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بإمامة هذا الذي علم ما في قلبي واستجاب الله دعاءه لي.
ومنها ما روي عن يحيى بن هرثمة (١) قال دعاني المتوكل وقال اختر ثلاثمائة رجل ممن تريده واخرجوا إلى الكوفة فخلفوا أثقالكم فيها واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة فاحضروا علي بن محمد الرضا ع إلى عندي مكرما معظما مبجلا قال ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة (٢) وكان لي كاتب متشيع وأنا على مذهب الحشوية فكان الشاري يناظر الكاتب وكنت أستريح إلى مناظرتهما لقطع الطريق فلما صرنا وسط الطريق قال الشاري للكاتب أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب ع ليس من الأرض بقعة إلا وهي قبر أو ستكون قبرا فانظر إلى هذه البرية العظيمة أين يموت فيها حتى يملأها الله قبورا كما تزعمون قال فقلت للكاتب أهذا من قولكم قال نعم فقلت أين من يموت في هذه البرية حتى تمتلئ قبورا وتضاحكنا ساعة إذا نخذل الكاتب في
__________________
(١) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البحار والمحكى عن المصدر لكن في جملة من النسخ «يحيى بن هبيرة».
(٢) الشراة : طائفة من الخوارج سموا بذلك لزعمهم انهم شروا دنياهم بالآخرة اى باعوها أو شروا أنفسهم بالجنة لأنهم فارقوا أئمة الجور قاله الطريحي في المجمع.