فأبطأ فطرحت له غاشية السرج فجلس عليها ونزلت فجلست بين يديه وهو يحدثني فشكوت إليه قصور يدي فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالسا فناولني منه أكفا وقال اتسع بهذا يا أبا هاشم اكتم ما رأيت فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له اسبك لي هذا سبيكة فسبكه وقال ما رأيت ذهبا أجود من هذا وهو كالرمل فمن أين لك هذا فما رأيت أعجب منه قلت هذا لنا من قديم مدخر.
وحدث أبو طاهر الحسين بن عبد القاهر الطاهري قال حدثنا محمد بن الحسين الأشتر العلوي قال كنت على باب المتوكل وأنا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي وكان إذا جاء أبو الحسن ترجل الناس كلهم حتى يدخل فقال بعضهم لبعض لم نترجل لهذا الغلام وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنا والله لا ترجلنا له فقال له أبو هاشم الجعفري والله لترجلن له صاغرين إذا رأيتموه فما هو إلا أن أقبل حتى ترجلوا أجمعين فقال أبو هاشم أليس زعمتم أنكم لا تترجلون فقالوا والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا.
قال وأولم بعض أولاد الخلفاء وليمة فدعا أبا الحسن ودعا الناس فلما رأوه أنصتوا إجلالا له وجعل شاب في المجلس لا يوقره ويتحدث ويضحك فأقبل عليه وقال يا هذا أتضحك بملء فيك وتذهل عن ذكر الله وأنت بعد ثلاث من أهل القبور قال فقلنا هذا دليل ننظر ما يكون فأمسك الفتى وكف وطعمنا وخرجنا فلما كان بعد يوم اعتل الفتى ومات في اليوم الثالث ودفن فيه.
وقال سعيد اجتمعنا في وليمة لبعض أهل سر من رأى وأبو الحسن معنا فجعل رجل يعبث ويمزح ولا يرى له جلاله فأقبل على جعفر وقال أما إنه لا يأكل من هذا الطعام وسيرد عليه من خبر أهله ما ينغض عيشه فلما قدمت المائدة قال جعفر ليس بعد هذا خبر فو الله لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فدخل غلامه وهو يبكي ويصرخ وقال الحق أمك فقد وقعت من السطح وهي في الموت قال جعفر فقلت والله لا وقفت بعد هذا فيه وقطعت عليه والروايات في هذا الباب كثيرة وفيما