أنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال أنا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت هل رأيت فخذه وهي مريضة فقال لا لأني أصبو عن ذلك ولكني رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر وسألت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشر العلوي الموسوي ونجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهماالله تعالى وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم وكانا صديقين لي وعزيزين عندي فأخبراني بصحة هذه القصة وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه ع حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل أيام يزور سامراء ويعود إلى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى أو يقضى له الحظ بما قضى ومن الذي أعطاه دهره الرضا أو ساعده بمطالبه صرف القضاء فمات رحمهالله بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرامته.
وحكى لي السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني أن أباه عطوة كان به أدرة وكان زيدي المذهب وكان ينكر على بنيه الميل إلى مذهب الإمامية ويقول لا أصدقكم ولا أقول بمذهبكم حتى يجيء صاحبكم يعني المهدي فيبرئني من هذا المرض وتكرر هذا القول منه فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الآخرة إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا فأتيناه سراعا فقال ألحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر أحدا فعدنا إليه وسألناه فقال إنه دخل إلي شخص وقال يا عطوة فقلت من أنت فقال أنا صاحب بنيك قد جئت لأبرئك مما بك ثم مد يده فعصر قروتي ومشى ومددت يدي فلم أر لها أثرا قال لي ولده وبقي مثل الغزال ليس به قلبه واشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقر بها والأخبار عنه ع في هذا الباب كثيرة وأنه رآه جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز وغيرها فخلصهم وأوصلهم إلى حيث أرادوا ولو لا التطويل لذكرت منها جملة ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف.
قال قطب الدين الراوندي في كتاب الخرائج والجرائح الباب الثاني عشر