باقون أقامها عليهم بالبينة والإقرار فإن فات ذلك بموتهم كان الإثم في تفويت إقامتها على المخيفين للإمام المحوجين له إلى الغيبة وليس هذا بنسخ للشريعة لأن الحد إنما يمكن إقامته مع التمكن وزوال الموانع وسقوط فرض إقامته مع الموانع وزوال التمكن لا يكون نسخا للشرع المقرر لأن الشرط في الوجوب لم يحصل وإنما يكون نسخا لو سقط فرض إقامتها من الإمام مع تمكنه على أن هذا يلزم مخالفينا إذا قيل لهم كيف الحكم في الحدود في الأحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من اختيار الإمام ونصبه وهل يبطل أو يثبت تعذر إقامتها وهل يقتضي هذا القدر نسخ الشريعة فكلما أجابوا به عن ذلك فهو جوابنا بعينه. قال الفقير إلى الله تعالى ـ علي بن عيسى أثابه الله تعالى لا معنى لإيرادهم الحدود وإقامتها في زمانه ع دون أزمنة آبائه ع فإنهم كانوا حاضرين مشاهدين وأيديهم مكفوفة عن الأمور ولم يكن كف أيديهم قدحا فيهم ولا قال قائل إن سكوتهم عن إقامتها نسخ الشريعة فكيف يقال عنه وهو أشد خوفا من آبائه ع وعلي ع في أيام خلافته وأمره لم يتمكن من كثير من إرادته فليسع المهدي ع من العذر ما وسعهم فإنه لا ينسب إلى الساكت قول وهذا واضح.
مسألة رابعة فإن قالوا فالحق مع غيبته كيف يدرك فإن قلتم لا يدرك ولا يوصل إليه فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة وإن قلتم لا يدرك الحق إلا من جهة الأدلة المنصوص بها عليه فقد صرحتم بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلة وهذا يخالف مذهبكم.
الجواب أن الحق على ضربين عقلي وسمعي فالعقلي يدرك بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده والسمعي عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي ص ونصوصه وأقوال الأئمة الصادقين ع وقد بينوا ذلك وأوضحوه غير أن ذلك وإن كان على ما قلناه فالحاجة إلى الإمام مع ذلك ثابتة لأن وجه الحاجة إليه المستمرة في كل عصر وعلى كل حال هو كونه لطفا لنا في فعل الواجب العقلي من