الإنصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي وهذا مما لا يقوم غيره مقامه فيه فأما الحاجة إليه من جهة الشرع فهي أيضا ظاهرة لأن النقل الوارد عن النبي والأئمة ع يجوز أن يغفل الناقلون عن ذلك إما بتعمد أو اشتباه فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليلا فيحتاج حينئذ إلى الإمام ليكشف ذلك ويبينه وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم وأنه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذا النقل إماما متى اختل سد خلله وبين المشتبه فيه فالحاجة إلى الإمام ثابتة مع إدراك الحق في أحوال الغيبة من الأدلة الشرعية على أنا إذا علمنا بالإجماع أن التكليف لازم لنا إلى يوم القيامة ولا يسقط بحال علمنا أن النقل الشرعية لا ينقطع في حال تكون تقية الإمام فيها مستمرة وخوفه من الأعداء باقيا ولو اتفق ذلك لما كان إلا في حال يتمكن فيها الإمام من البروز والظهور والإعلام والإنذار.
مسألة خامسة قالوا إذا كانت العلة في غيبته خوفه من الظالمين واتقاؤه من المخالفين فهذه العلة منفية عن أوليائه فيجب أن يكون ظاهرا لهم أو يجب أن يسقط عنهم التكليف الذي إمامته لطف فيه.
الجواب أنه قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأجوبة.
أحدها أن الإمام ليس في تقية عن أوليائه وغاب عنهم كغيبته عن أعدائه لخوفه من إيقاعهم الضرر به وعلمه أنه لو ظهر لهم لسفكوا دمه وغيبته عن أوليائه لغير هذه العلة والاحتجاج بوجوده فيؤدي ذلك إلى علم أعدائه بمكانه فيعقب علمهم بذلك ما ذكرناه من وقوع الضرر به.
وثانيها أن غيبته عن أعدائه للتقية منهم وغيبته عن أوليائه للتقية عليهم والإشفاق من إيقاع الضرر بهم إذ لو ظهر للقائلين بإمامته وشاهده بعض أعدائه وأذاع خبره وطولب أولياؤه به فإذا فات الطالب بالاستتار أعقب ذلك عظيم الضرر بأوليائه وهذا معروف في العادات.
وثالثها أنه لا بد أن يكون في المعلوم أن في القائلين بإمامته من لا يرجع عن الحق من اعتقاد إمامته والقول بصحتها على حال من الأحوال فأمره الله تعالى