وقد رممت الأساطين الثمانية التى ركزت فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم والأساطين التى ركزت فى العهد الميمون القريب من عهده وعمرت على هيئاتها القديمة ، وقد حدث اتفاق عام بناء على وجود مسوغ شرعى لتغيير شكل وأماكن الأساطين التى أضافها السلطان مراد خان الرابع والسلطان قايتباى المصرى.
وإذا ما صنع وفق الطرز الجديد بتقليل عددها وتغيير أماكنها وإذا ما اتبع طريق تجديد القباب على الهيئة المطلوبة منسوبا لاسم السلطان عبد المجيد ، فإنه لن يؤدى إلى التناسب الفنى ويكون داخل حرم السعادة قد جدد بعض أماكنه حسب النظام الجديد وسيظل الباقى على النظام القديم ، والأمكنة التى عدت بمرور الزمان ومجاورة الحجرة المعطرة من الآثار القديمة المباركة تكون قد بدلت هيئاتها ومواقعها وغيرت.
وبدلا من أن تبذر الأموال عبثا لتجديد الأعمدة التى انحرفت قليلا أو اعوجت والتى يمكن تعميرها وتقويتها وتحويل أماكنها وشكلها ، فإذا رممت الأساطين الموجودة على هيئاتها وأشكالها حيث وجدت بحيث تتحمل القباب الحجرية وإذا ما رممت بالأحجار السوداء مثل الأعمدة المتينة المصنوعة من الحجر الأسود وإذا ما غلفت الأساطين التى كانت مغلفة بقطع الرخام نكون قد ادخرنا النقود وحافظنا على أشكالها وهيئاتها الأصلية ، ولما كانت الأساطين التى تحمل القباب العالية المصنوعة من عهد السلطان مراد ثمانية أو عشرة أعمدة منها فى حاجة إلى الترميم والتعمير ، ولما كان بناء القباب الحجرية مكان السقوف جائزا شرعا لوقاية أبنية الحرم من الخطر وكان عامة الناس متفقين فى هذا الموضوع ولم يكن فى هذا سبب يؤدى إلى النزاع ، والمنشأ الحقيقى للنزاع كان فى تقليل عدد الأساطين داخل الحرم النبوى وتغيير أماكنها ، وقد اختار أهل المدينة شق تعمير وترميم الأساطين فى أماكنها ، ورجحوا ذلك على استصواب محمد رائف باشا من تقليل الأعمدة وتغيير أماكنها ، عرضوا الأمر على الباب العالى ورجوا بأن يعمر داخل حرم السعادة وفق ما يرغبون ، وقد بحث الأمر فى دار الإفتاء