قبل الآخر يدفنه من بقى على قيد الحياة فى المدينة المنورة» وقبل جمال الدين ما أوصى به عمه إلا أن الأجل المحتوم وافاه بعد مدة (١) فقام عمه أسد الدين بإرسال نعش ابن أخيه إلى المدينة حسب الاتفاق وأنفق نقودا كثيرة وأحال الأمر إلى الشيخ أبى القاسم الصوفى ليقوم بما يقتضيه الأمر ، وقد أخذ المشار إليه الشيخ أبو القاسم النعش أولا إلى مكة المكرمة وطاف بنعشه حول الكعبة ثم صلى عليه ثم أوصله إلى المدينة المنورة ودفنه فى القبر الذى أمر بحفره.
غريبة
عندما وصل الشيخ أبو القاسم الصوفى مستصحبا نعش المتوفى المذكور إلى حدود كعبة الله عاملا برأى أسد الدين شير كوه أعلن إلى الناس بأنه سيصلى عليه وطلب منهم أن يستعدو لذلك ، وفى الوقت الذى يستعد للقيام بالصلاة على المتوفى قام أحد الشبان فى مكان عال ، لا يعرف هويته وأنشد بصوت مرتفع القطعة الآتية :
سرى نعشه فوق الرقاب وطالما |
|
سرى وجوه فوق الركاب ومائله |
يمر على الوادى فتثنى رماله |
|
عليه وبالنادى فتثنى أرامله |
يقول ابن سعد الذى نقل هذه الغريبة فى طبقاته بعد أن أظهر شدة تعجبه وحيرته منها : عندما استمعت إلى قطعة : «سرى نعشة» ارتفع النواح والنحيب فى صلاة جمال الدين الأصفهانى ، عندما استمعت إلى هذه القطعة صلى على جنازته دون توقف حينما وجبت ثم أخذت الجنازة إلى المسجد الحرام وصلوا عليه ، وبعد أن طافوا بها كعبة الله أخذوها إلى المدينة المنورة حيث صلوا عليها صلاة ثالثة ، ثم دفنوا جنازته فى القبر الذى حفره.
يروي المؤرخون أن القبر الذي دفن فيه جمال الدين المشار إليه في داخل رباط العجم ، وبما أنه لا يوجد الآن في داخل الرباط قبر يلزم أن يكون الضريح الذي
__________________
(١) يررى المؤرخون أن جمال الدين محمد بن أبى منصور مات فى خلال سنة ٥٧٦ مسجونا.