عبرة
والغريب فى الأمر أن القبة الكبيرة التى تحيط بالقبة الصغيرة والمخازن التى فى داخل مسجد السعادة والمصاحف الشريفة و ١٢٠ من الأساطين الحجرية ومقصورة مرقد السعادة ومنبر النبى المنير وصندوقه مصلى السعادة قد احترقت كلها وانمحت الأعمدة المتصلة بالحجرة اللطيفة المسعودة ، ورفعت بعد الحريق الأشياء التى كانت فى الجهة القبلية من الحجرة المعطرة ونجت بعض أجزائها كالأشجار والبقايا الأخرى من الحريق إلى جهة الجدران الشامية وكتب الأمر إلى السلطان قايتباى المصرى وقد حزنت قوافل الزوار التى وردت من مكة وتكدرت.
ظهور السيل المروع بجوار مسجد الحرم
عند عودة الذين احترقت قلوبهم بنار احتراق مسجد السعادة كانت تنتظرهم مصيبة أخرى عند عودتهم إلى مكة المكرمة ، وذلك بظهور سيل عظيم وكأنه بحار متلاطمة ، ملأت الصحارى والأودية وفى النهاية ملئ حرم الكعبة المعظمة فهدم كثيرا من المنازل والدكاكين وليس فى الإمكان إحصاء من غرقوا فمن قائل أنهم كانوا ثمانين غريقا ومنهم من يقول مائة ووجدت جثثهم بعد انقطاع السيل ، وروى أنه لم يقع مثل هذا السيل العظيم بعد الجاهلية.
تجديد مسجد السعادة وقصر عزة الوحدانية
لما أطلع السلطان قايتباى على تعرض الكعبة العلياء موئل الرحمة والوحدانية الحرم المحترم لهجوم السيل وخرابه حتى تحول كل ركن منه إلى عش بوم أو غراب ، فعين سيفى سنقر الجمالى لأمانة بناء الكعبة المعظمة وشمس بن زمن لأمانة بناء المدينة المنورة وأخرجهما إلى الطريق وأمر بأن يبعث الأدوات اللازمة للبناء عن طريق جبل الطور وينبع البحر وهما فى مصر وأن يصاحب كلا من سنقر الجمالى وشمس بن زمن أربعمائة من مهرة العمال وكذلك الدواب اللازمة للنقل.
وتوجه سنقر الجمالى وشمس بن زمن نحو مكة المكرمة فى خلال شهر ربيع