إلى باب السلام تولى ملك مصر المظفر سيف الدين محمود بن ممدود خوارزم شاه ، بدلا من منصور نور الدين على مظفر بن الملك عز الدين أيبك الصالحى للتعطيل ، وبذل سيف الذين المعزى أيضا لإعمار مسجد السعادة جهده ، فبنى الجهة الشرقية من باب السلام إلى باب الرحمة والجهة الغربية من باب جبريل إلى باب النساء فى صورة متينة ، إلا أنه مات فى نهاية السنة المذكورة مقتولا فتعرضت مبانى الحرم الشريف للتعطيل ثانية.
وتولى حكم مصر والشام بعد سيف الدين الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى البندقدارى ، ولما كان يرجو أن يكمل بناء مسجد السعادة عيّن جمال الدين محسن الصالحى من رجالات مصر لأمانة البناء وأرسله إلى المدينة المنورة فى رفقة ثلاثمائة وخمسون نفر من العمال المهرة كما دبر له المال اللازم والأشياء الأخرى وأرسلها إلى جمال الدين محسن دون تأخير.
عندما وصل جمال الدين إلى دار الهجرة بنى المسجد الشريف للمرة الثانية من باب الرحمة إلى باب النساء وجعل للجهات الغربية والشرقية والقبلية سقفين لطيفين فأعاد أبنية المسجد لحالتها الأولى.
وظل مسجد السعادة تسعة وأربعين عاما إلى أوائل عصر الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحى على هيئة بناء الظاهر ركن الدين ، وفى سنتى ٧٠٥ ، ٧٠٦ ه هدم محمد بن قلاوون الصالحى السقوف التى على يمين جهة الساحة الرملية ويسارها وجددها بأن جعلها سقفا واحدا (١) مثل الجهة الشمالية وبعد ٢٣ سنة أضاف عقدين إلى الجهة القبلية فوسع المسجد الشريف قليلا ورمم الجهات التى فى حاجة إلى التعمير وجعلها فى غاية المتانة وذلك فى سنة ٧٢٩ ه ولكن العقدين اللذين أقامهما محمد بن قلاوون لحق بهما البلى ولم يعودا صالحين وخيف من سقوطهما بغتة فيكون ذلك سببا فى هلاك الناس وهذا ما أزعج الناس وأقلقهم ، ولما عرف الأمر الملك الأشرف برسباى بعث أمين البناء مقبل
__________________
(١) كانت الجهة الشمالية لمسجد السعادة وجهاته الأخرى مبنية بسقفين.