ورواية شموس بنت نعمان (١) هذه «مسجد قباء أقوم المساجد من حيث اتخاذ القبلة رواية صحيحة ، ولكن بناء مسجد قباء كان قبل تحويل القبلة ، وبما أن القبلة تحولت بعد ذلك بسنة فمحراب أبنية مسجد قباء الذى كان فى ذلك الوقت غير موجود الآن.
اختلفت الأئمة فى سبب نزول الآية الكريمة
(لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) (التوبة : ١٠٨) أنزلت فى مسجد قرية قباء أم أنها نزلت فى مسجد النبى فى المدينة؟
فقالت طائفة منهم : إنها نزلت فى مسجد قباء ، وقال بعضهم : إنها نزلت فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، أما حجة الطائفة الأولى وسندها فهى قوله تعالى (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) (التوبة : ١٠٨) ومن هنا فهذا مرجح على القول الثانى ولما وجد من العلماء من يرجحون القول الثانى وفق العلماء المدققون بين الأقوال المختلفة بأن وجهوا الآية الكريمة قائلين أنها نزلت فى حق كلا المسجدين. دقائق هذا البحث وتفصيلاته مدونة فى الصورة الثالثة من الوجهة الثانية.
وطيلة المدة التى أقام فيها النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة كان يزور مسجد قباء كل يوم سبت راجلا أو على صهوة فرس ، حيث يؤدى ركعتين تحية للمسجد ، كما يروى أنه صلى الله عليه وسلم كان يمضى إلى هذا المسجد فى أيام الاثنين وفى اليوم السابع عشر من شهر رمضان.
كان عمر بن الخطاب يزور مسجد قباء يومى الاثنين والخميس فى أيام خلافته وكان يتوقى عدم ترك هذه السنة ويحافظ عليها ؛ حتى إنه ذهب فى يوم من الأيام إلى المسجد ولما لم يجد فيه الناس غضب غضبا شديدا وقال : «والذى نفسى بيده ، لقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر كانا يحملان حجارة كبيرة حينما وضع أساس هذا المسجد ، وكان جبريل الأمين يرى للرسول البيت المعظم ؛ أقسم بالله لو كان هذا المسجد فى بلد من البلاد المجاورة لكانوا ذهبوا لزيارته أفواجا أفواجا.
__________________
(١) ترجمتها فى الإصابة ٨ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، وذكر لها الحافظ ابن مجر طرق الحديث الوارد هنا.