بجانب الباب المذكور مقدارا كافيا من الماء ، ومؤخرا أدخل جزءا من هذا الماء فى الساحة الرملية لمسجد السعادة ، وصنع هنا منهلا كما صنع فوقه كمرا وتحته فسقية ؛ كان الناس يجدون هنا وضوءهم ، ثم حدث ما يهتك حرمة الحرم الشريف بجانب الحوض ، بعد أن أزال محمد رائف باشا قبة الشمع من ساحة الحرم الرملية هدم ما بين جدار مسجد السعادة الشرقى مع مئذنته الرئيسية وبنى باب جبريل وسحب جدرانه إلى الخلف قدر خمسة أذرع وربع ذراع إلى الخارج وبنى مكانا للخلوة فى دورين فى الميدان الصغير الذى استحدث نتيجة للهدم بين مئذنته الرئيسية وركن الجدار الجديد ، ولم يلمس الأعمدة التى حول حجرة السعادة ودعاماتها ولكنه أراد أن يقوى ما جدده من أعمدة الجدران وعقد القباب الجديدة فركز الأعمدة فى محاذاة الأعمدة المدعمة لحجرة السعادة ، وأبقى باب جبريل فى مكانه وزين باب المئذنة الرئيسية بأحجار منحوتة حمراء لترصيعها وصنع لهذا الباب سلما ذا أربع درجات وترك مكان الباب العتيق للسادة الخطباء ، وبينما كان يحفر أسس الجدران الجديدة ظهر مصرف مياه ولعله كان مكان اجتماع مياه البالوعات ، وكان فوق الرصيف وخارج مسجد السعادة ، وإن كان ذلك المصرف بعيدا عن الحجرة النبوية إلا أنه نقل إلى مكان أبعد تعظيما للمسجد النبوى ، ولما وصلت أعمال حرم السعادة لهذه النقطة وقبل أن تركب عقود القباب الشرقية ، كانت شكايات المعترضين وصلت إلى الباب العالى حيث درست وحتى يقضى على النزاعات والخلافات التى حدثت نقل محمد رائف باشا وعيّن الفريق أبو بكر باشا ناظر معهد الهندسة البرية السلطانية مكانه وأرسل إلى المدينة المنورة.
وتحرك أبو بكر باشا من باب السعادة وفى رفقته الحاج محمود أغا الجناح ، وهو من مدرسى معهد الهندسة المذكور (١) وعثمان باشا الذى عين شيخا للحرم ووصلا إلى المدينة المنورة فى اليوم الحادى عشر من شعبان المعظم سنة ١٢٦٩ الهجرية ، وكشف الباشا المذكور وعاين كل ما تم عمله سواء أكان فى عهد حليم
__________________
(١) وما زال الحاج محمود أفندى مدرسا فى المدرسة الحربية السلطانية للرسم ويحمل رتبة قائم مقام.