تذكر وتعرف مسجد قباء
بناء على ما ورد فى الكلام عن سنة الهجرة شرف النبى صلى الله عليه وسلم قرية قباء بالنزول فيها. وسكن محلة بنى عمرو بن عوف أكثر من عشرة أيام وتفضل بإقامة مسجد قباء ، هذه الرواية منقولة عن أئمة السير ، إلا أن فرقة من المؤرخين يرغبون فى رد هذه الرواية ، وبناء على أدعاء هؤلاء المؤرخين تبين لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام ثلاث ليال (١) فى محلة بنى عمرو بن عوف فى مكان وأخذوا يصلون فى مربد كلثوم بن هدم حيث أسسوا مسجد قباء ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى مدة وجوده فى محلة بنى عمرو بن عوف على ساحة هذا المسجد وذهبت فى فرقة من المؤرخين إلى أن أسعد بن زرارة قد أسس مسجد قباء قبل الهجرة وقالوا موضحين ذلك كانت ساحة مسجد قباء مربد كلثوم بن هدم ، وكان أسعد بن زرارة قد أحاط هذا المكان من جهاته الأربعة بجدار حتى يصلى فيه الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ الذين هاجروا قبل الرسول صلى الله عليه وسلم وليجتمع مع سائر المسلمين الذين سيأتون يوم الجمعة من سائر القرى ، وصلى النبى صلى الله عليه وسلم فى داخل هذا المكان وأمرهم بأن يتخذ أهل قباء هذا المكان مسجدا لهم.
وإننا نحكم بأن ما قالته هذه الطائفة من المؤرخين خطأ من أساسه ونرى أن ما ذكرته الطائفة الأولى من المؤرخين أقرب إلى الصحة ، لأن النبى أثناء مقامه فى محلة بنى عمرو بن عوف صلى فى ساحة مسجد قباء ، وهذا قطعى الثبوت
__________________
(١) اختلف الرواة فى المدة التى أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قباء ، فقيل أربعة ، وقيل أربعة عشر وقيل اثنان وعشرون. انظر : السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٨٠ ـ ٨٣. ط دار الفكر بتحقيق محمد فهمى الرجانى. والدرر لابن عبد البر من ٨٥ ، وغيرها.